لقد تمكنت منظمة الصحة العالمية عام 2004م من وضع أول اتفاقية إطارية لمكافحة التبغ تحمي البشرية من انتشار وباء التدخين وترشد الدول إلى كيفية التصدي لهذا الوباء وتلزمها بضرورة اتخاذ خطوات جادة ومسئولة لمكافحة التدخين وفقا لجدول زمني تلتزم فيه هذه الدول بتقديم النجاحات التي حققتها في مجال مكافحة التدخين وعلى مختلف المستويات، وقد وصل عدد الدول التي انضمت إليها إلى (168) دولة من بينها المملكة العربية السعودية والتي انضمت بتاريخ 9 مايو 2005م. ولقد اتخذت العديد من الدول خطوات جادة ومسئولة لمكافحة التدخين ومن أهمها سن أنظمة تحظر بموجبها التدخين في الأماكن العامة المغلقة التي يرتادها عامة الناس كالمطارات والمطاعم والمقاهي ووسائل النقل العام وكان آخرها دولة الإمارات العربية المتحدة التي سنت قانونا الشهر الماضي يمنع التدخين في تلك الأماكن ووسائل النقل العام وأضافت كذلك السيارات الخاصة "حال وجود طفل فيها لا يتجاوز عمره الثانية عشرة عاما". وبالرغم من أن وزارة الصحة والجهات واللجان والجمعيات ذات العلاقة بالمملكة اتخذت خطوات جادة وبذلت ولا تزال تبذل جهوداً مقدرة في مكافحة التدخين من خلال نشر الوعي بأضراره بين مختلف فئات المجتمع، والتشجيع على الإقلاع عن استعماله، وتدريب وتأهيل الكوادر اللازمة للعمل في مجال مكافحته، وكذلك القيام بتأسيس عيادات مكافحة التدخين، ومنع الموظفين من التدخين في المكاتب والمباني الحكومية، والعمل على متابعة تطبيق بنود الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، فإن تلك الجهود تحتاج إلى وجود نظام يحظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة ووسائل النقل العام، والأهم أن ينص على غرامات محددة تطبق على المخالفين وتورد لصالح صندوق يخصص لمكافحة التدخين أو لصالح برنامج مكافحة التدخين الذي أطلقته وزارة الصحة منذ عام 1423ه، ويلزم أصحاب العمل سواء من الجهات الحكومية أو الأهلية بتخصيص أماكن للتدخين على النحو الذي يقصر ضرره على المدخن نفسه دون غيره. لقد كشف أمين عام جمعية مكافحة التدخين الدكتور سليمان الصبي النقاب منذ أكثر من عام عن قرب صدور نظام جديد يمنع التدخين في الأماكن العامة ويُغرّم المخالفين، كما يضمن حق المتضررين من غير المدخنين بالتعويض، ويخوّل وزير الصحة بإصدار لائحة تنفيذية للنظام، ولكنه للأسف قد تأخر كثيراً صدور هذا النظام، ويخشى من الاستمرار في ذلك التأخير أو عدم صدوره. ونرجو من معالي الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة بان يطمئننا عن مسار إجراءات صدور هذا النظام ويتخذ ما يراه مناسبا لدفع عجلة إجراءات إصداره وذلك لأهميته في الإسهام في الحد من انتشار ظاهرة التدخين واستعمال التبغ بين أبناء المجتمع، وحماية الأجيال القادمة من مخاطر هذا الوباء والحد من تأثير التبغ على غير المدخنين، وقد آن الأوان لإخراج هذا النظام لاسيما ان هناك دراسة حديثة كشفت بأن المملكة تتصدر كثيراً من الدول في استيراد التبغ، وإعداد ضحايا التدخين من الوفيات، وأن عدد المدخنين في المملكة بلغ أكثر من 6 ملايين بمعدل 35 في المئة من البالغين وأكثر من 40 في المئة من المراهقين، وهو لاشك رقم مروع إذا ما أُخذ في الاعتبار عدد السكان في المملكة. * عضو الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين (نقاء)