كشف عدد من الصحف المحلية خلال الشهور القليلة الماضية بعض حالات الفساد التي وقعت في بعض الجمعيات الخيرية، وظهرت على أثرها مطالبات لبعض المختصين تدعو وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أن تضع نظاماً لحوكمة الجمعيات الخيرية، غير أن هناك جمعيات خيرية لا تشرف عليها هذه الوزارة وتتبع جهات حكومية أخرى كوزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة التعليم العالي، ولم تقم هذه الجهات بوضع نظام أو لائحة لتنظيم عمل هذه الجمعيات، كما فعلت وزارة الشؤون الاجتماعية التي أصدرت لائحة للجمعيات الخيرية عام 1410ه وقواعد تنفيذية تضمنت أحكاما شاملة عن التنظيم الإداري والمالي للجمعيات المشمولة بهذه اللائحة. وهناك حاجة لأن تقوم هذه الجهات بالإسراع إلى وضع نظام أو لائحة تنظم الجمعيات التي تشرف عليها وخصوصا تنظيمها المالي والإداري. كما أنه من الإنصاف عدم تحميل الجهات الحكومية وحدها تلك المسؤولية، التي تشاركها فيها الجمعيات الخيرية، وهناك حاجة لأن تقوم هذه الجمعيات بوضع لوائح وسياسات لحوكمة سير عملها وإجراءاتها الإدارية والمالية، ومن ذلك تبني مبدأ الشفافية في إجراءاتها من خلال حرية الاطلاع على مفردات سير العمل داخل الجمعية والوصول إلى بيانات نشاطاتها ومصادر تمويلها وعلاقاتها بالمانحين والمستفيدين والأعضاء والجمعيات الأخرى، وتبني مبدأ المساءلة من خلال قيام مجلس الإدارة داخل الجمعية بتقديم كشف حساب عن طبيعة أدائها لواجباتها ليس إلى الوزارة المشرفة فقط بل إلى المستفيدين والمانحين والأعضاء أيضاً. ولاشك أن وضع تلك اللوائح وتفعيل تطبيقها من قبل الجمعيات الخيرية يحقق فوائد متعددة منها كسب الجمعية لثقة المانحين والاعضاء وزيادة عددهم ودعمهم ومساندتهم لها وكذلك زيادة مستوى الكفاءة والفعالية في استخدام الموارد والرقابة على الأداء إضافة إلى ما يحققه تطبيق تلك اللوائح من ضمان الاستمرارية والبقاء للجمعية ونجاحها في تحقيق أهدافها والحد من الفساد الإداري والمالي نتيجة لتدعيم المعايير الأخلاقية ومبادئ الإفصاح والشفافية والمساءلة ومنع تعارض المصالح. وأود أن أشير في هذا الخصوص إلى جمعية تستحق أن تكون أنموذجاً على مستوى الجمعيات الخيرية، وهى الجمعية الخيرية للاطفال المعوقين التي تبنت نظاماً محاسبياً آلياً متقدماً وطبقت سياسات الشفافية ومنع تعارض المصالح والمساءلة، ورسختها منهجاً وممارسة في عملها، ووضعت تلك السياسات في دائرة الإلزام والتطبيق، ولعلي أشير في هذا الخصوص إلى ما قاله المحاسب القانوني الأستاذ إبراهيم بن محمد السبيل في كلمته أمام أعضاء الجمعية العمومية الخامسة والعشرين لعام 1433ه من أن هذه الجمعية تطبق أعلى المعايير المهنية المحاسبية في أدائها المالي وأنها تعد أنموذجاً مميزاً للجمعيات الخيرية وأشاد فيها بالشفافية المحاسبية التي تتبعها الجمعية.