تقرير صادر من صندوق النقد الدولي، يؤكد على متانة الاقتصاد السعودي، ومستوى النمو الذي يحدث الان وهو ما نشهده من تنوع وتعدد المشاريع بالمملكة في كل جزء وركن من أركان البلاد. ولكن السؤال المطروح هنا هل نحن ننفق اكثر مما ينبغي أو يفوق قدراتنا المالية ؟ هي كرقم مالي تقول لا ليس كبيرا، بحكم أن البلاد تحتاج لبنية تحتية متكاملة ومؤسسة في شتى المجالات، سواء المرافق الحكومية كالوزارات الجامعات المدراس المستشفيات الطرق الجسور المواصلات بمختلف انواعها المطارات والمياه الكهرباء الصرف الصحي وغيره كثير، وهذا يدلل على حاجة فعلية للبناء وهذا سيستغرق سنوات وسنوات لأنها في الأساس إما كانت سيئة أو غير موجودة. ولا اظن الخلل هنا ليس في البناء والنمو الاقتصادي، ولكن الخلل، أننا ننفق من مصدر وحيد لهذه البنية التحتية وهي "النفط" وما في حكمها، فنحن نستنزف هذا النفط في كل انفاق حكومي، وهو يشكل ما يقارب 87% من دخل الدولة، وهذا يعني تصدير لا يقل يوميا عن 8-9 ملايين برميل نفط، وايضا مع استهلاك محلي متصاعد سيصعب القادم من السنوات لأن الاستهلاك المحلي ينمو بنسب متسارعة ونحن الأكثر استهلاكا كمعدل فردي كما تؤكد تقارير أرامكو. حين نرتكز على مصدر وحيد وهو النفط، وهذا يعني أن الخيارات تضيق، وأن المخزون الاستراتيجي لن يعمر كسنوات أكثر من السنوات المقررة او المتوقعة. وهذا يخل بمبدأ الخطط الخمسية الأولى التي صدرت من أكثر من اربعين سنة، والتي تؤكد في أول بنودها "تنويع مصادر الدخل" وهذا لم يحدث لليوم، فلم يتغير شيء. يجب أن لا تكون نظرتنا للنمو الحالي ولا إلى الحراك الاقتصادي الكبير المتسارع الان، فنحن في ذروة النمو والبناء وأيضا الانفاق في تقديري، فماذا عن المستقبل والأجيال القادمة، ونحن من 40-50 سنة لم نجد مصادر دخل أخرى، سواء صناعية أو سياحية أو غيرها، وهذا خلل استراتيجي وصندوق النقد الدولي يؤكد ذلك وهو محق في نظرته المستقبلية، وهو ما سنعاني منه حتما، فأين الاستراتيجيات والتخطيط بتنويع مصادر الدخل الذي لم ير الحراك أو التفعيل الحقيقي. ومازلنا نحتاج انفاق المزيد للبناء وتوفير فرص عمل في بلاد يعاني ما يقارب 2 مليون من بطالة تعكس تناقضا كبيرا في حالتنا الاقتصادية بين نمو كبير وثروة وبطالة؟ كيف يحدث؟