أوضاعنا المالية الآن هي في أفضل حالاتها منذ 5 سنوات وتتحسن سنة بعد سنة، ويتوقع هذا العام أن يستمر التحسن المالي بتحقيق فائض وخفض للدين المحلي فلا ديون خارجية، تقرير "جدوى" يحمل الكثير من الأرقام والتحليلات المهمة وهي لا تغيب في تقديري عن صانع القرار، فالخلل الاقتصادي الكبير لدينا من خلال البنية التحتية وما تحتاج من انفاق لحل الأزمة السكنية والخدمات والنمو السكاني الكبير ومخرجات التعليم، والأهم تنويع مصادر الدخل للدولة، فهي لم تتغير منذ السبعينات الهجرية رغم أن كل خطط التنمية التي توضع كل خمس سنوات تضع تنويع مصادر الدخل أول أهدافها، لكن لم يتغير أو يتحسن شيء بالأرقام. آخر ميزانية للدولة أكدت أن 86٪ من الدخل هو نفطي، وحين ننظر الآن للوضع القائم سنجد أن صافي الموجودات الأجنبية لمؤسسة النقد يصل إلى 481 مليار دولار، وهذا يمثل 111٪ من الناتج القومي وثلاثة أضعاف الميزانية للدولة، وهذه أرقام جدا مميزة، الدين الحكومي لا يصل إلى 10٪ من الناتج المحلي وهذا أيضا مميز جدا، إذا لا عقبات مالية في ظل أسعار نفط تفوق 84 دولارا وهي السعر التعادلي للايرادات مع النفقات أي ما يزيد عن 84 دولارا يعتبر فائضا. حين نتساءل، أين المشكلة والخلل؟!، سنجد أن الاعتماد الكلي على النفط كمصدر دخل هو الأساس، والأهم أننا نستهلك محليا الآن ما يقارب 3 ملايين برميل من النفط بسعر يقارب 10 دولارات "مدعوم" والأسعار الدولية تقارب 100 دولار. التقرير أكد أيضا أن في عام 2030 سيصبح الاستهلاك 6.5 ملايين برميل كاستهلاك محلي في ظل أن الإنتاج لن يزيد عن 11.5 مليون برميل، أي سنصدر فقط 5 ملايين برميل ما لم يرفع الإنتاج ويكون عليه طلب في الأسواق الدولية، ويتوقع عام 2030 أن يكون السعر التعادلي للنفط 320 دولارا، أي سعر يحقق التوازن لنا بين مصروفات وإيرادات في ظل إنتاج أقل بكثير من اليوم وهنا ستبدأ المملكة في الدخول بالديون المتسارعة، وحين نفصل الآن أكثر بين مستوى الانفاق والدخل سنجد أن المصروفات لا تتراجع بل تزيد وسكان المملكة الأسرع نموا في العالم مما يعني أن أي نمو لا يزيد عن 9٪ سنويا في تقديري لن يحقق النمو المطلوب والتوازن الاقتصادي، فالدولة ليس لها مصدر إيرادات حقيقي ومساهم بتأثير كبير على ميزانية الدولة، حين ننظر الى احتياجات قطاعات الكهرباء والماء والصحة والتعليم والنقل سنويا سندرك أننا سنكون بمأزق كبير ماليا خلال خمس سنوات أو أقل وهي ليست بعيدة، في ظل إنتاج نفطي محدد يتراوح بين 11 و12 مليون برميل وأسواق دولية لن تتحمل إنتاج أكبر ولن ننتج أكبر. سؤالي لوزارتي المالية والتخطيط والمجلس الاقتصادي الأعلى وكل جهة مسؤولة، ماذا أعددنا لمواجهة تحديات المستقبل التي أصبحت تطرق أبوابنا؟. نقلا عن الرياض