أتى اختيار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع ترجمةً عمليةً للسياسة الحكيمة التي يتحلى بها قائد هذا البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، فقد أدرك بحنكته وقربه من مواطنيه حاجتهم، وهم يعيشون حالة شديدة من الحزن والهم والغم على رحيل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، إلى أن يسمعوا خبراً يخفف عنهم مصيبتهم فبادر باختياره الموفق لولي العهد عالماً بأثره الإيجابي الكبير على المواطنين الذين تلقوا هذا الخبر كبيرهم وصغيرهم بفرحة وسعادة غير خافية خففت عنهم من مصيبتهم العظيمة ومصابهم الجلل، وهي لا شك أبلغ شاهد على امتزاج محبته بنفوسهم، ثقةً بحسن اختيار ولي الأمر واستبشارًا بسلمان المختار. كما أن هذا الاختيار يعكس إدراكاً واعياً بطبيعة المرحلة وما يواجهه الوطن من تحديات، وما يتطلبه العصر الحديث من مواكبة للمستجدات، ونقلةً موفقة في مسيرة هذه الدولة المباركة واستقرارها. فالأمير سلمان بن عبدالعزيز رجلُ أمة بكل المقاييس وقائدٌ من الطراز الرفيع ورائدٌ من رواد التنمية الشاملة ورمزٌ كبيرٌ من رموز السياسة والإدارة والقانون، فبعد أن قدم للوطن أنموذجاً إدارياً رائداً شاملاً لأحدث الأساليب والنظم الإدارية، استطاع به أن ينقل مدينة الرياض إلى مصاف المدن الكبرى والحديثة في العالم، وذلك في مختلف المجالات التنموية، نجح في إكمال مسيرة النجاح والتطوير في وزارة الدفاع والتحديث في قدرات الوطن الدفاعية التي قادها وأسسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله، كما حقق بحكم عضويته في مجلس الوزراء قيمة مضافة ساندت هذا المجلس في تحقيق مهامه ومسؤولياته الكبيرة وخصوصا مهامه التنظيمية والتنفيذية، بالإضافة إلى إسهاماته المتعددة من خلال أدواره ومسؤولياته المختلفة في تعزيز مسيرة التنمية الوطنية الشاملة. والمجالات الحافلة بالعطاءات والإنجازات للأمير سلمان على المستوى الرسمي والشعبي والخيري عبر عدة عقود كثيرة وجوانب هذه الشخصية القيادية ومهاراتها الاستثنائية متعددة ولن نتمكن في هذا المقال من التطرق إليها، ولكن سأكتفي هنا بحكم التخصص بالإشارة سريعاً إلى جانب مهم في هذه الشخصية القيادية لم يجد حقه من الاهتمام من الدراسة وكذلك الإعلام على الرغم من أهميته والحاجة إلى الاهتمام بإبرازه، وهو الجانب النظامي، فسموه يتميز بالنظام والانضباط، ودائما يؤكد وعلى نحو متكرر على من يعمل ويتعامل معه بتطبيق النظام، ويحمّل سموه كل مسؤول صغيراً كان أو كبيراً في نطاق مسؤوليته جميع ما يصدر منه، كما يؤكد على الجميع ضرورة الاطلاع على الأنظمة والالتزام بها والعمل على إنفاذ مضمونها، إضافة الى تأكيد سموه في حال صدر منه شخصياً أو من أي مسؤول أمر مخالف للأنظمة فعلى متلقي الأمر أن يُعرض عن ذلك فوراً، وقد أكد سموه ذلك في عدد من اللقاءات والخطابات. كما عرف عن سموه أنه يمنح تقديرا خاصا للمراجعين والمواطنين الذين لهم شكاوى أو اعتراضات أو تظلمات ضد سموه أو أحد المسؤولين الذين يعملون معه، ويحرص سموه على أن يمنع أي تعارض في المصالح، ويفصح عنه قبل أن يبدأ في أي عمل حرصا من سموه على تحقيق النزاهة والبعد عن تأثير العوامل الشخصية. ويمكن القول بأن اهتمام الأمير سلمان بالجانب النظامي في حياته العملية وحرصه على تطبيق الأنظمة وعدم مخالفتها يعد أحد أهم المفاتيح في هذه الشخصية القيادية الناجحة، ويمكن وصف سموه بأنه ليس ركن الدولة ورجل المهمات الصعبة ورجل التنمية ورجل الإعلام وأمير العمل الخيري وصاحب الأدوار المتعددة فقط كما يصفه الكثير، وهم محقون في ذلك، بل يوصف سموه بأنه رجل النظام، ولا شك أن اهتمام سموه بالنظام وحرصه على تطبيقه على الكبير قبل الصغير يعد الباب الواسع لتحقيق العدل، وفائدته كبيرة يستفيد منها الوطن بمختلف مناطقه والمواطن أينما كان ومهما كان، وأدعو مراكز البحوث والدراسات إلى إجراء بحوث ودراسات عن هذا الجانب المهم من هذه الشخصية القيادية والجدير بالنشر والتدوين لما يحققه من فائدة وإسهام في نشر الوعي القانوني في المجتمع.