أرقام هائلة تلك التي أعلنتها هيئة السياحة عن إنفاق السعوديين على السياحة التي بلغت 82 مليار ريال عام 2011م، بنسبة نمو قدرها 13% عن عام 2010م، منها 36 مليار في الخارج و46 مليار في الداخل، ويتوقع أن يكون عدد السعوديين المسافرين للسياحة في الخارج أكثر من 4.6 مليون بزيادة 8% عن العام الماضي، لست بصدد التعليق على هذه الأرقام، فهي تتحدث عن نفسها، وعن الشغف الكبير للسعوديين بحب السفر وأقصد بذلك القادرين عليه، وليس المنتظرون لراتب آخر الشهر ليسدد الفواتير والديون لينتظر الشهر الذي يليه!، حين نقول شغف السعوديين قد لا يكون أحياناً على وجه الاطلاق، فلا القدرة والإمكانات المالية تمكن الجميع من السفر فالكثير يسمع عنه ولا يراه!، ولكن لتلك الحالة النفسية والضغوط اليومية تضع القادر وغير القادر يرغبه في تغيير الجو ونمط الحياة الممل والملئ بضغوط الحياة من الحر الشديد الذي يجعل حتى نفسية الانسان تصل إلى 160 درجة يلجأ معها الى الاقتراض والسلف للهروب من الواقع، وهذا ما جعل 90% من السعوديين المسافرين للخارج يقترضون لهذا الهدف، قد يقول البعض أن السفر مخصص لذوي الدخول المرتفعة، فلو كانت الامكانيات متاحة لما بقي في الرياض إلا العمالة وحدها !، فما أصبر هؤلاء وقد يكون الأكثرية على صيف طويل وشديد الحر، وربما لو قدر للعالم «أبراهام ما سلو» العيش في ظروفنا لأدرج السفر ضمن نظريته النفسية التي ابتكرها حيث تناقش هذه النظرية ترتيب حاجات الإنسان، واختصرها في هرم الاحتياجات البشرية الشهير، وحاجة الانسان للترفيه والترويح عن نفسه تتناسب طردياً مع ضغوط الحياة ما يجعل السفر يكاد يكون من أساسيات الحياة لخلق توازن وزيادة القدرة على الإبداع والاستمتاع. تذكرت «كاريكاتير» يربط بين معدل التحصيل الدراسي بمكان الإجازة، فعند نسبة 95% التي تماثل دخول الأغنياء والقادرين بحوالي 95 ألف لجنيف وروما ولندن ونيويورك، ونسبة 75% وما أكثر بمتوسطي الدخل في ابها وعسير وشواطئ نصف القمر وأبحر! ،مع تحفظي على مستوى الخدمات، وما أقل عن ذلك ومعدومو التوفير في الدخل فليس لهم الا الخروج لإحدى متنزهات الثمامة، أو الاسترخاء عند جهاز التكييف، هذا إن لم تقم شركة الكهرباء بقطعها ويكتمل الناقص!، وما غير ذلك فليس لهم إلا الدعاء بتخفيف حر الصيف وتعويضهم عن جنان الدنيا والسفر بجنان الآخرة عند الله الرحيم الكريم.