مع بدء دخول فصل الصيف الحار في بلادنا .. يحزم الكثيرون منا حقائبهم متجهين إلى مكان ألطف جواً ، إما أن يكون وحيداً أو بصحبة أسرته ، ولا حرج في أن يبحث الإنسان عن بعض الراحة والاستجمام ، لعدة أيام قليلة بعد عام من التعب والإرهاق في العمل ، وتدريس الأبناء وغيرها من مشكلات الحياة ، يعود بعدها نشيطاً قادراً على المزيد من العمل والاجتهاد . لكن العيب .. كل العيب ، أن تتحول رحلة الاستجمام هذه إلى نوع من السفه والإسراف الممقوت ، وإهدار مبالغ طائلة من الأموال ، كان يمكن الاستفادة منها لو نظرنا قليلاً إلى ما تزخر به بلادنا من مصايف رائعة ، ليست بعيدة عن أرقى المصايف في الدول التي أدمن كثير من المواطنين السفر إليها ، والعيب كل العيب أن تظل مصايفنا مهجورة تعاني من جحودنا ، وجهلنا . أقول هذا بعد أن طالعت إحصائية تقول : إن أكثر من 40 مليار ريال ، سوف تغادر بلادنا هذا الصيف في جيوب ( 2 ) مليون مواطن ، اختاروا السفر للخارج لقضاء إجازتهم السنوية . وأعترف أنني لم أصدق هذا الرقم الضخم في بداية الأمر وتوقعت أن المسألة برمتها لا تتجاوز كونها فرقعته لمزيد من تكريس صورة العربي المسلم التي دأبت وسائل الإعلام الغربي على ترويجها بكثرة في الآونة الأخيرة ، لكن المفاجأة أن هذا الرقم جاء على لسان د. علي الدقاق ، أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز .. وبالتالي لا مجال لعدم التصديق أو التسليم بنظرية المؤامرة . ويؤكد قناعتنا بصحة هذا الرقم مصايفنا المهجورة التي لا يرتادها خلال الإجازة سوى قلة ممن حالت ظروفهم دون السفر للخارج ، أو ممن أيقنوا أن بلادنا أحق بأموالنا وأولى . ومع تسليمنا بصحة هذا الرقم المرعب من الأموال المسافرة للخارج بلا عودة ، وصحة ال 2 مليون سعودي الذين يعودون - بمشيئة الله -، بعد أن يفرغوا في الخارج كل ما كان في جيوبهم ، يبقى التساؤل الملح ، لماذا نترك مصايفنا ونذهب لننفق أموالنا في الخارج ؟ ، وهل ندرك حجم الخطر الذي يتعرض له هذا العدد الكبير من المواطنين في البلاد التي يسافرون إليها ، وما قد يسقطون فيه من محرمات ومفاسد ومصائب ومتاعب ، تستهدف عقولهم وأخلاقهم وأموالهم معاً . إن بعض الناس ممن يفضلون السفر يقولون : إن تكاليف قضاء الإجازة الصيفية في الخارج أقل بكثير من التصييف في الداخل ، وربما يكون هذا صحيحاً بعض الشيء ، لكن المؤكد أن التكلفة الباهظة التي يتحملها الاقتصاد الوطني والمخاطر الجمة التي يتعرض لها المسافرون ، هي الخسارة الحقيقية التي يجب أن نتضافر جميعاً لمواجهتها ، بدءاً من التعريف بما تتمتع به بلادنا من مصايف وأماكن للترفيه ، فمع الأسف كثير من شبابنا يعرفون عن ماليزيا أكثر مما يعرفون عن أبها والباحة ، ويحفظون شوارع بيروت والقاهرة، أكثر من معرفتهم لشوارع الطائف والدمام وجدة ، إن تشجيع السياحة الداخلية ، مسؤوليتنا جميعاً .. حتى لا تبقى مصايفنا مهجورة ، وأموالنا تهرب سنوياً إلى الخارج . والمسؤولية أكبر على البلديات والقطاعات الخدمية لتكثيف جهودها في الصيف في أعمال النظافة والرقابة . alomari 1420 @ yahoo . com