انتقد نائب رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب لمجموعة الطيار للسفر والسياحة الدكتور ناصر بن عقيل الطيار السياحة الداخلية لقصور خدماتها ومحدودية نشاطاتها وأشكالها المختلفة بما يجعل السياحة الداخلية غير ذات تأثير لافت باستثناء مكةالمكرمة والمدينة المنورة لوجود الحرمين الشريفين بهما. وقال الطيار في حديث ل "الوطن" أمس، إن جميع مناطق المملكة لا تشكل واجهات سياحية في فترة الصيف، مبيناً أن الفعاليات المقامة في مناطق المملكة كلها تقليدية، ومستنسخة فالتي تقام في "الرياض" تقام أيضاً في جدة. وأضاف أن الفعاليات التي تقام في المدن عبارة عن ألعاب نارية فقط، طارحا حزمة من التساؤلات منها: هل الفعاليات التي تقام في المملكة كإنشاء منتجعات سياحية كما هو معمول في الدول المجاورة؟. وهل تم إنشاء أماكن سياحية كما في الخارج؟. وهل يحصل السائح على تنزيلات، كما هو موجود في الدول المجاورة؟. واستشهد بقوله "لو مثلاً كانت تلك الفعاليات في مدينة جدة، هل يحصل السائح على خفض 50% في الفنادق؟". وحول ما ذكره تقرير حديث بوصول حجم الإنفاق المتوقع على السياحة المحلية لهذا الصيف إلى 13 مليار ريال، بيّن الطيار أن تلك التقارير شاملة السياحة الدينية من خارج المملكة. وقال "لنكن صريحين، كل تلك المبالغ المتوقعة تشكل نسبة الإنفاق على مكةالمكرمة والمدينة المنورة فقط، لأنه ليس هناك حاجة أخرى غيرها من ناحية السياحة". وقال الطيار "نحن في الوقت الحالي نرتكب أخطاء تجاه السياحة الداخلية بالمملكة. وأضاف أنه يجب أن تعالج لتتطور كباقي بلدان العالم. وكشف الطيار عن عوائق تعترض السياحة الداخلية، تتمثل في مبالغة بعض ملاك الأراضي في رفع السعر الربحي لها، وذلك عندما يرغب المستثمرون في إقامة مشاريع سياحية بها. وقال إن الدول الأخرى تمنح أراضي لإقامة مشاريع سياحية وقروضا وتسهيلات في أسعار الكهرباء والماء، وتشجع وتدعم، وذلك غير موجود في المملكة. وأوصى الطيار بحل هذه الإشكاليات، وإصدار أنظمة تمنح المستثمرين في السياحة، كما يمنح نظراؤهم في الزراعة والصحة والتعليم والصناعة، من خلال دعمها وتشجيعها. وبحسب الطيار فإن إقبال السعوديين على السفر للخارج ارتفع بنسبة 80% خلال الصيف الحالي، وأنه لا إقبال على السياحة الداخلية من خلال حجوزات السفر للمدن الداخلية، مبيناً أن المؤشرات تدل على أن حجم المبالغ التي ستدفع في السياحة الخارجية سيتراوح ما بين 45 و50 مليار ريال. وأشار الطيار إلى ما يتعرض له السعوديون الذين وصفهم "بتجار الشنطة" من عمليات نصب واحتيال في ظل عدم وجود رقابة عليهم وقدرتهم على ترويج إعلاناتهم أسوة بالمكاتب التي تعمل بتراخيص رسمية. وأكد أن فترة إجازة الصيف تكثر فيها تجارة "الشنطة"، وأن المواطن السعودي ساهم في تكاثر هؤلاء التجار بسبب الأسعار المغرية التي يطرحونها مما يشكل عامل جذب للسعودي، ويقع في مصيدة الاحتيال. وقال الطيار إنه خلال فترة الصيف تظهر المكاتب الوهمية ممن لا يملكون تراخيص سفر وسياحة، وليست لديهم مكاتب معروفة، واصفاً إياهم ب"شلة نصابين ومحتالين" سواء أكان سعوديا يريد النصب على المواطنين أو عمالة وافدة هاربة من مكاتب سفر وسياحة، وليسوا نظاميين في البلاد، ويريدون نهب الراغبين في السفر. وأضاف الطيار أن عوامل انتشار تلك التجارة تعود إلى عدم وجود جهة حكومية لهذه الصناعة، وعدم وجود جهة تحاسبهم على أفعالهم وعدم وجود نظام صارم محاسب لتلك الأفعال، قائلاً "نحن البلد الوحيد في العالم الذي لا توجد فيه جمعية وكلاء السفر والسياحة". وأبان أن المتلاعبين يزدادون كل عام، حيث أصبحوا يستخدمون وسائل متقدمة في التلاعب من خلال الترويج عبر الشبكة العنكبوتية والأسواق والمدارس والصحف الإعلانية، كاشفاً أن 10% من المسافرين للخارج يتعرضون للخداع من تلك التجارة. وبيّن الطيار أن تنظيم المسافرين لرحلاتهم بشكل فردي والبعد عن الرحلات المنظمة من قبل "الجروبات" يعود إلى طبيعة اجتماعية قائلاً "المسافر السعودي لم يعتد على الذهاب للدول الأجنبية في جماعات، ففي الدول الأجنبية هناك مدارس تنظم رحلات جماعية لأبناء المدرسة نفسها لمدة تصل إلى 4 أيام، ولكن في السعودية لا توجد ثقافة الرحلات الجماعية ولا يمكن تغييرها بين يوم وليلة، وإنما تحتاج لوقت". من جهته، يقول الشاب فيصل العجمي الذي التقت به "الوطن" في أحد مكاتب السفر والسياحة بالرياض، إن السياحة عبارة عن سفر، بهدف تغيير الجو وتخفيف أعباء الحياة العملية والابتعاد عن الروتين والرتابة، وهي في النهاية ترفيه . وفيما يتعلق بأسباب اتجاه شريحة الشباب للسفر للخارج بدلاً من السياحة في الداخل، قال العجمي إن اهتمام السياحة الداخلية ينصب على العوائل، أما الشباب فمكانهم التسكع في الشوارع. ووصف الشباب ب"المساكين" حيث لا برامج تقدم لهم، ولا رحلات خاصة تعرض عليهم، فعوامل (الطرد) الشبابي من السياحة المحلية موجودة وحاضرة بقوة. أما عصام الخضيري فكان له رأي آخر حيال العزوف عن السياحة الداخلية، مشيرا إلى أنه حجز أمتعته مع زوجته للذهاب للخارج. وتساءل: لنكن صريحين مع أنفسنا ونجيب: من المقصود بالسياحة الداخلية؟. وأجاب "المستهدف من السياحة الداخلية هم أصحاب الدخل المحدود وبعض أفراد الطبقة الوسطى الذين يحرصون على قضاء الإجازة بالداخل لعدم قدرتهم على مصاريف السفر للخارج وقضاء الإجازة في دولة أخرى". وبلهجة شديدة، طرح الخضيري تساؤلاً آخر وقال: لو كان أصحاب الدخل المرتفع عامة يقضون الإجازة في الداخل، هل ستكون الفعاليات والسياحة الداخلية بشكل عام على هذه الصورة؟.