وصف الدكتور سعيد السريحي خلال حديثه عن "الدعوة للعودة إلى الأصول" في أمسية بنادي مكة الثقافي الأدبي، بأن التذكير بالأصل المشترك بيننا في أصله دعوة تهدف إلى العودة للأصول، وهي دعوة تلتبس بين الرغبة في تحقيق شرط أمني يسعى إلى مواجهة الاختلاف حين يتحول إلى أزمة، والتطلع إلى توافق ثقافي يمهد للتفاهم والتعايش السلمي بين الألوان المختلفة المشكلة للطيف الثقافي المتعدد المشارب والأهواء. وحول إشكالية العودة للأصول قال السريحي: ليست المشكلة في العودة إلى الأصول بقدر ما هي في ملابسات الدعوة إلى العودة إلى الأصول وغايات تلك الدعوة، وإذا كان محو الاختلاف هو غاية الغايات من وراء تلك الدعوة، فإن منطلقها المتمثل في الإحساس بالأزمة والعجز عن حلها يجعل منها جزءاً من الأزمة وليس من الحل، فهي إما أن تتصور أن العودة تلك سوف تكون عودة بيضاء يتجرد فيها العائدون من حمولاتهم الثقافية وذلك هو التوهم.. وإما أن تكون عاقدة النية على أن تكون العودة تجريداً لبعض الجهات مما أخذت به ومضت فيه ومن ثم تلبيسهم بما يراه المخالفون لهم وحملهم عليه وذلك هو التعسف، وكلا الأمرين يجعلنا نذهب إلى إنّ الدعوة إلى العودة إلى الأصول جزء من الأزمة وليست جزءاً من الحل. وأضاف المحاضر قائلاً: الدعوة إلى العودة إلى الأصول تكشف عن ضيق بالتعدد والاختلاف، أو خشية من هذا التعدد وذاك الاختلاف، وعادة ما ترتبط هذه الدعوات بما تجد فيه أي أمة من الأمم نفسها فيه من اختلاف بين المفكرين وأصحاب الرأي فيها خاصة حينما يتحول الاختلاف إلى خلاف يمكن له أن يهدد تماسكها أو يمس اللحمة الوطنية التي تجمع بين أبنائها وتوحد بين مواطنيها.. ضاربا مثلاً لما أفضي إليه اختلاف المذاهب من إضعاف الدول بدويلات الطوائف في المغرب والأندلس. وقد جاء من أبرز المداخلات تعقيب للدكتور عالي القرشي، الذي أشار إلى أن سعة الاختلاف حين تتيح تعدد الطرق في الوصول إلى الأصل تنقلنا من جحيم الأيديولوجيا إلى جنة الأصول، التي لديها القدرة على استيعاب أفكارنا ورغباتنا وحرياتنا.. إضافة إلى مداخلة للدكتور عبدالعزيز الطلحي، وأخرى للدكتور سعود الصاعدي الذي أوضح في مداخلته بأن العودة للأصول قد تكون عند إحساس الأمة بالخطر، مما يدخلها حالة من الاحتماء.