في الوقت الذي سعت فيه قطاعات حكومية وأهلية إلى تقديم صورة مشرقة عنها بالتنويه عن استخدامها أدوات التواصل الحديثة في تعاملاتها، إلا أننا نفاجأ اليوم بأن البعض من هذه القطاعات يعلن للتو البدء في تفعيل خدمات التواصل عبر هذه الأدوات، وهو إعلان يدعو للضحك والتندر، في ظل إدراكنا حجم الاعتماد الكبير على وسائل الاتصال الحديثة في المعرفة والثقافة وتلقي الأخبار، وكذلك متابعة أمور حياتنا العملية والخاصة. ومن هنا فإن أي قطاع أو جهة قصرت وتأخرت في إعطاء هذه الوسائل الحديثة ما تستحقه من اهتمام تعتبر متخلفة عن ركب الحضارة والتطور، وبالتالي تحلق خارج السرب. خلال اطلاعي على بعض الأخبار والتغطيات الصحفية في الأسبوع الماضي رأيت أن هناك جهات حكومية احتفلت بتدشين صفحات لها على ( الفيس بوك وتويتر واليوتيوب ) معتبرة ذلك إنجازاً في حد ذاته يستحق أن يُعلن عنه ويَحضر مناسبته كبار المسؤولين. لهؤلاء أقول: أين أنتم و( صح النوم ). لم يعد أحد يتحدث عن أنه دشن خدمة الفيس بوك وتويتر وغيرهما من قنوات التواصل الاجتماعي. المتعاملون والمستخدمون لهذه الخدمات لدينا بالملايين. حتى أن الأطفال في المرحلة الابتدائية يتعاملون بها فيما بينهم. عيب علينا أن يقرأ عنا الآخرون أن قطاعات حكومية تنبهت الآن وافتتحت صفحات لها على الشبكة العنكبوتية، أو أضافت خدمات التواصل الاجتماعي لمواقعها، وكأن لسان حال هؤلاء الآخرين يقول لنا ( إذا بُليتم فاستتروا ). لا مبرر ولا عذر مقبول لأي جهة حكومية أو أهلية لها علاقة بمصالح وتعاملات المواطنين وغيرهم أن لا تكون لها صفحات على الإنترنت وتتفاعل مع جمهور المتلقين وتقدم خدماتها لهم بكل سهولة وسرعة. من بدأ للتو في التفكير في استخدام هذه الآليات حري بنا أن نحاسبه ونقول له : لماذا تأخرت ؟ ما يمكن الحديث عنه اليوم هو حجم ما تحقق لنا من مكاسب عبر استخدامنا لشبكات التواصل الاجتماعي، وكيف أن هذا التواصل أحدث نقلة نوعية وأدى إلى تحسين الصورة وزيادة حجم التفاعل وتحقيق المتطلبات لدى جمهور المتلقين والمستفيدين. ومن النماذج في القطاع الخاص ما أُعلن عن حصول مجموعة عبداللطيف جميل على المركز الأول في عدد مستخدمي صفحات الفيس بوك الخاصة بها والذين تجاوز عددهم الخمسمئة والسبعين ألف مستخدم. وفي القطاع الحكومي، هناك نموذج آخر وهو تحقيق أمانة الأحساء جائزة أفضل محتوى عربي تفاعلي لصفحات الفيس بوك في الوطن العربي، وتكريمها خلال فعاليات المؤتمر الإقليمي الأول حول المحتوى والإعلام الاجتماعي في الحكومات والمؤسسات الخاصة، والذي نظمته حكومة الإمارات الإلكترونية وأكاديمية جوائز الإنترنت. هناك وزارات وقطاعات حكومية وأهلية قدمت نماذج مشرفة في استخدام التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي لتوفير المعلومات والخدمات لكل راغب فيها. وعلينا أن ندرك أن كل ما يقدم في هذا المجال يضاف إلى جهود أخرى تقوم بها قطاعات حكومية متعددة، والكل يستهدف حكومة إلكترونية مكتملة القواعد والبناء، وحتى يتحقق هذا الحلم لا مجال اليوم للتخلف عن الركب والإعلان عن بداية التفاعل وتدشين صفحة للفيس بوك سبقنا به الآخرون بمراحل.