سيناريو تقرير تشاتام هاوس عن أزمة الطاقة في المملكة يحتوي على رسم مسار ثلاثة متغيرات بترولية هي: انتاج البترول، واستهلاك البترول المحلي، وصادرات البترول في حالة استمرار هذه المتغيرات الثلاثة تسير في نفس مسارها الذي تسير عليه الآن الى عام 2045. المتغيّر الوحيد من هذه المتغيرات الثلاثة الذي يمكن لتشاتام هاوس اجراء تعديل جذري على مساره هو متغير استهلاك البترول المحلي. اما المتغيران الآخران (مسار الانتاج ومسار الصادرات) فأنهما لا يبدو انه بامكان تشاتام هاوس إجراء أي تعديل جذري عليهما مالم تتغير الأرقام المعلنة على مواقع أرامكو الرسمية كتغيير حجم الإحتياطيات المؤكدة للبترول (وهذا مستبعد جدا). فلو أخذنا كل متغير من هذه المتغيرات الثلاثة على حدة لاتضّح لنا التالي: أولا مسار إنتاج البترول: وفقا لسيناريو تشاتام الحالي فان انتاج البترول في المملكة سيبدأ الانخفاض القسري لبلوغه الذروة عام 2040 (أي بعد ثمان وعشرين سنة فقط). سأقوم بحساب مسار انتاج البترول مستخدما تعريفات ارامكو وليس تعريفات تشاتام هاوس لنرى مدى الخلاف بين الحسابين. وفقا لارامكو يبلغ احتياطي البترول الخام المؤكد 264 مليار برميل وتبلغ الطاقة الانتاجية للبترول الخام 12.5 مليون برميل في اليوم. بينما معدل الاحتياطي الى الانتاج (R/P ratio) الأدنى = 33.3 (قمت شخصيا بحسابه من سيناريوهات ارامكو). سأفترض (بناء على حسابات دقيقة) ان متوسط انتاج ارامكو سيكون بمعدل 85 % من الطاقة الانتاجية القصوى (اي ان متوسط انتاجها اليومي سيكون 10.63 مليون برميل) لسببين: اولا للأحتفاظ بمتوسط طاقة احتياطية فائضة قدرها حوالي 1.88 مليون برميل ليمكنها استخدامها للمحافظة على استقرار أسواق البترول، وثانيا للمحافظة على سلامة الآبار. بأخذ هذه المعطيات المأخوذة من مواقع ارامكو الرسمية وإعادة حساب (رسم) مسار انتاج البترول في المملكة نجد انه سيصل الذروة ويبدأ في الانخفاض القسري بمعدل سنوي قدره 3% عام 2047 أي بفارق ست سنوات فقط من سيناريو تشاتام رغم افتراضي ان الاحتياطي البالغ 264 مليار برميل خام صافي، وكذلك ان متوسط انتاج الخام لن يتجاوز 10.63 مليون برميل. ثانيا مسار صادرات البترول: هذا المتغير يسمى Residual (أي تكملة عدد) فهو مجرد عملية طرح الاستهلاك المحلي من اجمالي انتاج البترول فنحصل عليه تلقائيا أي انه لا يمكن إجراء أي تعديل عليه الا اذا عدلنا مسار المتغيرين الآخرين، وبالتالي يتغير مساره تلقائيا تبعا لمقدار الفرق بينهما. ثالثا مسار الاستهلاك المحلي للبترول: مسار هذا المتغير يبدو انه هو نقطة الخلاف فوفقا لتشاتام فان الاستهلاك المحلي يتجاوز ربع الانتاج (2.8 مليون برميل) وسينمو بمعدل 7 % سنويا الى ان يتساوى مع الانتاج عند 13.1 مليون برميل عام 2038. الحقيقة ان هذا المسار لا يمكن ان يتحقق على ارض الواقع لسبب بسيط لانه لو استمر الاستهلاك المحلي للبترول ينمو بهذا المعدل فان ارامكو ستعجز عن تلبية هذا الطلب المتزايد لانها لن تستطيع تغطية تكاليف انتاجها في ظل الاسعار الحالية للاستهلاك المحلي فتضطر الى ايقاف تلبية الطلب المحلي والتوسع في تصدير البترول الى الخارج لتغطية تكاليفها وتوفير ايرادات الميزانية. موضوع زاوية السبت القادم - إن شاء الله - سيكون عن امكانية زيادة الاحتياطي المؤكد وامكانية زيادة الطاقة الانتاجية.