القراءة منهج حياة، يهدف إلى ترسيخ مفهوم ثقافة واسع النطاق، وموجه لفئات المجتمع كافة، ولكن عدم تفعيل مشروع " القراءة للجميع " عصي على الفهم، مع أن المجتمع السعودي يعيش حراكا ثقافيا واسعا، ووزارة الثقافة والإعلام، مسؤولة عن هذين القطاعين وتنميتهما، في مرحلة جديدة، تتحدد ملامحها من خلال: التفاعل مع الثورة المعلوماتية الهائلة التي تسود العالم، وإشباع الرغبات المعرفية للمواطن السعودي، بما يتلاءم وينسجم مع المتغيرات، والمستجدات التي يشهدها العالم، والحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية، ومن ثم فإن معرفة الأسباب يتطلب إجابة الوزارة عن سؤالين: هل يحتاج مفهوم " القراءة للجميع " إلى تعريف ؟ أم أن هناك إحساسا عاما، بأن ثمة شيئا يهدد " القراءة للجميع" التي من شأنها أن تتأثر أكثر من غيرها، ومن هنا تظهر بعض العناصر الأساسية، التي يتشكل منها الوضع القرائي: المحلي، والدولي الراهن، فقضية الاختراق القرائي، ما كانت تطرح نفسها على المجتمع السعودي لا كموضوع للبحث أو المناقشة، لولا أن هناك إحساسا عاما، بأن ثمة شيئا ما يهدد القراءة من خارجها، ينجم عنه استتباع فكري، وسيكون من المفيد جدا في هذه الحالة، تحديد مفهوم " القراءة للجميع" حتى يتسنى للمجتمع السعودي، ومؤسساته الإعلامية، والثقافية، والتربوية، وضع المجالات التي تعنيها " القراءة للجميع" وبالتالي معرفة النتائج، التي تترتب على ذلك، وردود الأفعال، داخل الكيان الثقافي للمجتمع السعودي. مكتبة الملك عبد العزيز العامة، أقامت" مهرجان القراءة الحرة" الذي استهدف جعل القراءة، عنصرا أساسيا في حياة المواطنين، وتشجيعهم عليها، كما أطلقت عام (1430ه/2009م) برنامج " القراءة في المطارات" ومن هنا كان لزاما على وزارة الثقافة والإعلام، أن ينتقل المشروع الوطني (القراءة للجميع) من منطقة إلى منطقة، ومن محافظة إلى محافظة، ومن حي إلى حي، ومن فرد إلى فرد، فالتخلي عن القراءة معناه: الجهل، وفقد الارتباط بالجذور، والقطيعة مع التراث. سمعتُ مرة الأمير سلمان بن عبد العزيز( أمير منطقة الرياض وزير الدفاع حاليا) يقول:" في غرفة نومي بعض الكتب، لا أنام ليلة دون أن أقرأ شيئا منها" والقراءة للجميع تعني مسؤولية وزارة الثقافة والإعلام عن نشر ثقافة القراءة عبر تخطيط فعال، وإهمال " القراءة للجميع" بمثابة ضربة قاضية موجهة لها، ومدعاة لوقوع سوء فهم كبير بين القراءة والوزارة ، المطلوب منها- في خطة التنمية التاسعة (1431-1435ه) إنشاء ( 8) مكتبات جديدة، و(7) مراكز ثقافية، وزيادة الاهتمام بالترجمة العلمية، من العربية وإليها، أرجو أن تكون في أوليات وزارة اسمها " وزارة الثقافة والإعلام". بعد هذه السنوات الطوال من القراءة يمكن أن أقول: إن القراءة نمت ثقتي بنفسي، وجعلتني أكثر كفاءة في إنجاز عملي، كما جعلت قراراتي أكثر فاعلية، وزادت من فرص ترقيني في مجال عملي، ومن فهمي للأمور وإدراكي لها، ومن قدرتي على تحمل المسؤولية. * * * * اعتدتُ عندما أقرأ أي نص، أن أضع خطوطا حمراء تحت بعض العبارات المهمة، كي أحفظها عندما أكرر قراءتها. كان أحد القراء يقرأ وهو سرحان، ومن بين ما قرأ ذات يوم مجلة اسمها: فِكْرٌ وفَنٌّ، فقرأها فِكْرُوفِنْ. !! * * * * كشفتْ إحدى الدراسات التي قرأتها عن أن المتفوقين في الميادين المختلفة للعمل، هم الذين لديهم حصيلة متميزة، من مفردات اللغة. * * * * قرأتُ أن هناك خريطة ذهنية عند الإنسان، يسجل من خلالها في ذهنه: الكلمات الدالة على المعنى، حتى يكوِّن لها صورة ذهنية. * * * * قرأت للكاتب " آلبرتو مانغويل" أن عالم الفلك يقرأ في السماء، النجوم التي اندثرت، منذ زمن بعيد مضى، ويقرأ المهندسون المعماريون اليابانيون، طبيعة قطعة الأرض، كي يبنوا عليها بيتا، بطريقة تحميهم من الأرواح الشريرة، ويقرأ الصيادون، والباحثون الطبيعيون، آثار الحيوانات في الغابة، ويقتفون خطاها، ويقرأ الآباء والأمهات في عيون أطفالهم علامات السعادة، أو الخوف، أو الاندهاش. * * * * قرأتُ أن سيدة أردنية " فضة خليل البشتاوي"(89 عاما ) (يعتقد أنها أكبر طالبة على مقاعد الدراسة في العالم ) رأت في منامها أنها تقرأ القرآن الكريم، ما دفعها في اليوم التالي للذهاب إلى مركز محو الأمية في بلدتها لتعلم القراءة والكتابة، ودعت جاراتها المتقدمات في العمر، إلى عدم تفويت نعمة القراءة والكتابة. أساليب تنمية مهارة القراءة : هناك أساليب لتنمية مهارة القراءة، استخدمتها وحققت فيها بعض النجاح، أستأذنكم في سردها: - القراءة المعبرة، والممثلة للمعنى. - القراءة الصامتة، فأي قارئ لا يجيد الأداء الحسن، إلا إذا فهم النص الذي يقرؤه، ولذلك أبدأُ بتفهم المعنى الإجمالي للنص المقروء، باستخدام القراءة الصامتة. - القراءة السليمة، من حيث مراعاة الشكل الصحيح للكلمات، لاسيما أواخرها. - القراءةُ بسرعة مناسبة، وبصوت مناسب. - أتذوق النص الجمالي، والإحساس الفني، والتفاعل الوجداني بالتعبيرات والمعاني الرائعة. - القراءة حسب طبيعة النص، فإذا كان النص شعر حماسة فله أداء معين، وإذا كان شعر غزل، فله أداء معين، وإذا كان شعرا وطنيا فله أداء معين، وهكذا فلكل نص نوع معين من الأداء. - حب القراءة، وتنمية الميل القرائي، والقراءة الحرة الخارجة عن حدود المقرر الدراسي. - استخدم المعاجم اللغوية، كلما قرأت كلمة جديدة، لم يسبق أن قرأتها من قبل. قالوا عن القراءة: قال أحدهم : "كان والدي يعمل في السلك الدبلوماسي، وكانت عائلتي كثيرة السفر، لذا أصبحت القراءة هي موطني الثابت الوحيد". وقال ثان: "كنت أقرأ على ضوء مصباحي الليلي، من أجل التوصل إلى نهاية الكتاب". وقال ثالث: "إن القراءة متعة رائعة، وأحد العناصر التي تربط أبناء البشر بعضهم ببعض." وقال رابع بعد أن قرأ أحد الكتب: "وأخيرا وصلتنا الحكاية: حكاية الحب العظيم بين الإنسان والكتب". قال كاتب إسباني: "إن المعرفة التي تكونت لدي، كان قارئ آخر قدمها لي" قال الكاتب البرتو مانغويل: "إن القراءة مفتاح العالم". قال أحد الأطباء:" كلما قرأتُ أكثر، عرفت أشياء أكثر، وكلما تعلمت أكثر، حققت إنجازات أكثر". قال مؤلف أحد الكتب المشهورة: " نقوم بتعليم أطفالنا القراءة في المدارس، ولكننا ننسى تعليمهم حب القراءة". قال الكاتب الفرنسي مونتين: " أن تقرأ يعني أن تجد الصديق الذي لا يخونك". قال الرئيس الأمريكي الثالث جيفرسون: " إن الذين يقرؤون هم الأحرار، لأن القراءة تطرد الجهل، والخرافة، وهما من ألد أعداء الحرية". قال عباس محمود العقاد:" القراءة وحدها، هي التي تعطي الإنسان الواحد، أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقا". الخلاصة: القراءة مثل الماء والهواء، لا يعيش الإنسان بدونهما، وبدون القراءة لا يجد الإنسان ذاته، بل يعيش في الدنيا منقطعا عن الحياة والأحياء، وفي كل وعاء معلومات تقرؤون، أو ورقة تتصفحونها، كنز من المعلومات، يستقر في الذاكرة، لتعلموه أولادكم في المستقبل.