مؤلم، أشد الألم، أن يقرأ المرء ما نقلته وكالة اليونايتد برس على لسان عضو الكنيست الإسرائيلي نحمان شاي الذي قال: "تجري في سورية إبادة شعب، والشعب اليهودي مع تاريخه لايمكنه البقاء غير مبال، وعلى إسرائيل أن تتخذ موقفا أخلاقيا والتنديد بما يحدث في سورية، ومن ينفذ إبادة كهذه يتحمل المسؤولية". لايمكن لعاقل أن يصدق أن ما قاله احد أعضاء كنيست إسرائيل، الدولة المحتلة والغاصبة، يعكس بالفعل موقف إسرائيل أو برلمانها ناهيك عن مزاجها الشعبي الذي يهيمن عليه المتطرفون. فهذا التصريح، وهناك غيره، ما هو إلا ممارسة إسرائيلية معتادة يراد منها مواصلة ابتزاز العالم باستغلال أي مناسبة للتذكير بما جرى لليهود على يد النازيين، خاصة إذا ماعلمنا أن قائله كان الناطق العسكري الإسرائيلي سابقا. مصدر الألم، على كل حال، هو الموقف الصعب الذي وضعتنا فيه جميعاً آلة القتل التابعة للنظام السوري. فحتى إسرائيل، أكثر دول العالم عنصرية، باتت تسجل النقاط على حساب دمائنا وكرامتنا. معروف أن وسائل الإعلام الإسرائيلية قد بدأت نقاشاً منذ بداية الثورة السورية تتحسر فيه على إمكانية سقوط حكم الأسد في سورية. فإسرائيل لايمكن أن تجد أكثر من البعثيين حرصاً على هدوء جبهة الجولان المحتلة، رغم أنهم هم الأكثر مزايدة والأعلى صوتاً في رفع شعاريْ الممانعة والمقاومة. تلك الممانعة والمقاومة اللفظية والتي ما هدفت يوما إلا للتغطية على القبضة الحديدية التي يهيمن بها النظام على سورية تذكرنا بقول ابن رشيق في وصفه لأحوال ملوك الطوائف في الأندلس: مما يزهّدني في أرض أندلسٍ أسماء مقتدر فيها ومعتضدِ ألقاب مملكة في غير موضعها كالهرّ يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ لا شك عندي أن إسرائيل تسعى قدر استطاعتها، خلف الستار، لدعم بقاء الهر الذي يحاكي صولة الأسد. ولا شك عندي كذلك أن إسرائيل تسعى جاهدة كي تسفر الثورة السورية عن حرب أهلية شاملة، إن سقط الأسد، تعيد سورية عقودا إلى الوراء. مصلحة إسرائيل العليا، كعدو للعرب، تستدعي منها العمل على عدم قبول الرئيس السوري بخطة الجامعة العربية الداعية إلى تنحيه. وهذا يذكر بأصوات سوريةٍ تقول بأن الموقف الروسي الأخير في مجلس الأمن كان، وبتأثير يهودي، لا يهدف إلى دعم النظام بل لتأخير سقوطه كي يكون لسقوطه دويّ أقوى. ما أود أن أقوله، كمحصلة، إن إسرائيل حاضرة بقوة في محاولة التأثير على اتجاه الثورة السورية وإن من المصلحة عدم إغفال العامل الإسرائيلي في الأحداث. دعونا نواجه الحقيقة المرة .. فالعرب لم يخططوا للفشل بل فشلوا في التخطيط.