أعلنت وزيرة السياحة والآثار الأردنية، لينا عنّاب، اليوم السبت، بحضور عالم الآثار المصرية زاهي حواس، عن اكتشاف أول "نقش فرعوني ملكي هيروغليفي" في المملكة. يعود النقش للملك الفرعوني رمسيس الثالث (1186-1155) قبل الميلاد، ويقع في منطقة محمية وادي رم جنوبي البلاد. وجاء الإعلان، خلال مؤتمر صحفي للوزيرة عناب بحضور حوّاس، بالتزامن مع احتفالات يوم التراث العالمي الذي يصادف 18 أبريل سنويًا. وأبرمت الوزيرة مذكرة تعاون ثنائية مع مؤسسة زاهي حوّاس للآثار والتراث، لتبادل الخبرات وتعزيز جهود حماية تراث الإنسانية. وتم اكتشاف النقش الجديد، في إطار التعاون الأكاديمي بين وزارة السياحة والآثار الأردنية وهيئة التراث في المملكة العربية السعودية. وكان الباحث السعودي مرضي جلباخ القعساء أعلن عثوره على هذا النقش عبر منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي، في أغسطس الماضي بأحد الجبال الصخرية، حيث يقع بالقرب من الحدود الأردنية السعودية جنوب وادي رم. وقال حوّاس في تصريحات صحفية عقب المؤتمر، إن هذا النقش الأثري مهم جدًا، لما يحتويه من ختمين ملكيين (خرطوشين) باسم الملك الفرعوني رمسيس الثالث، الأول يضم اسمه عند الولادة، بينما يضم الختم الثاني اسم "العرش". وأضاف حواس: "وهنا يعلن فيه أنه ملك مصر العليا والسفلى". وبيّن حواس أن العثور على اسم رمسيس الثالث يعني أنه "لابد من عمل حفائر منظمة في هذا الموقع، لما قد ينتج عنه الكشف عن آثار أخرى مهمة، تظهر العلاقات التاريخية بين الأردن ومصر منذ أكثر من 3 آلاف سنة. هذا الكشف يرتب علينا مسؤولية وسيكون عملا جميلا جدًا أن نقوم بهذه الحفائر مع الآثاريين في الأردن". وأشار حوّاس، إلى أن رمسيس الثالث هو آخر ملوك الفراعنة المحاربين. وقالت وزيرة السياحة الأردنية إن النقش الفرعوني ليس إلا شاهدًا جديدًا على عمق التراكم الحضاري في الأردن، مشيرة إلى أن لدى الأردن إرثًا غنيًا من النقوش، وأن هذا النقش "يعد إضافة مهمة جدًا لموضوع التراث الكتابي في الأردن". وتحدث الباحثان في الفريق الأردني للاكتشاف علي المناصير من الجامعة الهاشمية وأحمد لاش من دائرة الآثار العامة الأردنية، عن أهمية النقش في الجبال الصخرية لوادي رم، وأكدا بأنه الأول من نوعه في المملكة. ونوه الباحثان إلى أن التحليل الأوّلي للنقش يظهر أن الملك رمسيس الثالث قد يكون قاد حملته بنفسه أو شارك بها بشكل مباشر أو بشكل رمزي، وهي الحملة التي أطلقها على جنوب بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية بهدف السيطرة على الطرق التجارية القديمة ومناطق انتشار النحاس والمعادن الطبيعية خلال العصر البرونزي المتأخر. وبين لاش والمناصير، أن النقش المكتشف في وادي رم يُعد الرابع من نوعه، والأول الذي يُعثر عليه داخل الأردن، ما يشير إلى أن الفرعون قد قاد الحملة بنفسه أو شارك فيها بشكل مباشر أو رمزي. وقالوا في الشرح التقديمي، يُعد رمسيس الثالث آخر الملوك الأقوياء في الأسرة العشرين من الدولة الحديثة، وقد شهد عهده إصلاحات إدارية واقتصادية وشن حملات عسكرية لتأمين حدود الدولة المصرية ومواجهة الغزوات الخارجية، وسعياً منه لبسط النفوذ الاقتصادي، قاد حملات للسيطرة على مصادر النحاس والذهب والأحجار الكريمة، في سيناء والمناطق المجاورة، ومن ضمنها جنوب شرق الأردن، إضافة إلى تأمين الطرق التجارية بين جنوب الجزيرة العربية ومصر وبلاد الشام وأوروبا. وأشاروا، إلى أن الكتابات المصرية القديمة وثّقت حملة رمسيس الثالث، كما تم اكتشاف خراطيش ملكية له في سرابيط الخادم بسيناء، وتمنا جنوب شرق النقب في فلسطين، إلا أن الأدلة الأثرية المادية على امتداد تلك الحملة إلى قلب الجزيرة العربية لم تظهر إلا بعد العثور على خرطوش ملكي له في تيماء شمال غرب السعودية عام 2010. وأكد الباحثان أن هذا الاكتشاف يفتح آفاقاً جديدة للبحث العلمي، ويسلط الضوء على الروابط الثقافية والتجارية والعسكرية التي جمعت مصر بجنوب بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية عبر العصور، مشيرين إلى أن عملية توثيق النقش تمت بالتعاون مع محمد ظميان الزلابية من سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ما يعكس تكامل الجهود الوطنية والتعاون العربي في صون التراث المشترك. وقامت وزيرة السياحة والآثار الأردنية لينا عناب، بتكريم زاهي حواس، تقديراً لمسيرته الأكاديمية والمهنية الحافلة، وجهوده العالمية في مجال الإكتشافات الأثرية وصون التراث الإنساني.