في منتدى التنافسية الدولي الذي عقد في الرياض - العاصمة - والذي يعتبر أكبر تجمع اقتصادي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، ومحفل كبير ضم عدداً كبيراً من قادة الفكر والاقتصاد والسياسة في العالم لتبادل خبراتهم وتجاربهم في القضايا والتحديات الاقتصادية، وساهم في دوراته السابقة في تنفيذ عدد من الخطط الاقتصادية لدعم تنافسية المملكة محلياً وعالمياً وإطلاق مبادرات كثيرة لدعم تنافسية قطاع الأعمال المحلي، والمشاركة في صياغة الفكر العالمي في موضوع التنافسية ، وساهم في تعزيز تنافسية المملكة حول العالم ودفعها الى مراتب متقدمة حسب تقارير اقتصادية دولية. بمعنى موجز أن المشاركين فيه عقول جبارة ، وقامات شامخة في صناعة الوعي الأممي ، وصياغة الرؤى التحديثية في مضامين التنمية ، ومواجهة التحديات ، والمعوقات التي تطرأ على النظام الاقتصادي العالمي ، وما يتبع ذلك من تأثيرات وتداعيات على الشأن السياسي ، والاجتماعي ، والحياتي. في هذا المنتدى ، وخلال إحدى جلساته اقتحم أحدهم من الانغلاقيين المتكهفين المرضى، الصالة ، وتعرض إلى مذيعة إحدى القنوات التلفزيونية ، والمصور الذي يقوم بالتغطية بالاعتداء والتطاول الكلامي بحجة التبرّج ، والسفور ، وطال بهمجيته سيدة فاضلة جداً ، تُعلّم الأخلاق والفضيلة ، وتُمثّل الوعي والسلوك المتفوّق ، وهي سيدة أعمال ناجحة ومعروفة في عالم الاقتصاد والأعمال . وأثار هذا المريض بأوهامه ، وفكره المحدود ارتباكاً واستياء في الصالة، وعند المشاركين في المنتدى .. وقبل فترة كانت جمعية الثقافة والفنون تقيم حفلاً تكريمياً لرواد الفن في المملكة ، وكان من ضمن فقرات الحفل تقديم بعض الفلكلور السعودي ك " السامري " و" الخبيتي " و" الأغاني الينبعاوية " وهو تراث نعتز به ، ويمثل أصالتنا الثقافية ، ومنتج تاريخنا المبهر الذي يصور ، ويسجل جزءاً من حياة الجزيرة العربية ، ويوثّق لفضائها الاجتماعي ، وعلاقات إنسانها ، ومحاولاته النضالية لاصطياد الفرح ، والمتعة ، والسعادة في ظروف عيش صعبة وقاسية ، وفي هذا الحفل جاء من يعترض ، ويمنع ، ويلغي صوت طبل ، وشجن حنجرة مبحوحة ، ويقمع صوتاً شجياً يستعيد الحنين ، ويحرض الذاكرة على ممارسة استعادة الفرح عبر روعة الكلمة ، والمسرح الجغرافي الممتد. " برق تلالا ، قلت : عز الجلالا إثره جبين صويحبي ، وأحسبه برق قالوا : تتوب من الهوى ، قلت : لالا إلا تتوب الشمس عن مطلع الشرق " ... وألغيت فقرة الإرث الفني الذي هو جذر دراسات علماء الاجتماع في فهم الشعوب ، ومراحل تطورها ، وثقافتها الاجتماعية ، وتوثيق حضارتها ، لأن الفن الشعبي في فهم هؤلاء هو غواية ، ورجس ، وصد عن سبيل الله! وقبل أيام كان أحد الأصدقاء ممن أثق جيداً في أمانته وصدقه مع مجموعة من زملائه ذات ليلة جمعة في فضاء " الثمامة " يتنزهون ، ويفرحون ، ويبتعدون عن صخب وضوضاء المدينة ، ويعيشون في " خيمتهم " يتسامرون بالحديث ، واستعادة أيام الصبا ، والتنفيس عن الروح والنفس والجسد من أدران الحياة ، والمتاعب ، والهموم ، ففوجئوا بمجموعة من الشباب " الأمّي " يقومون بغزواتهم على دراجات نارية ، ويقتحمون خصوصية المتنزهين في خيمتهم ، ويطرحون عليهم أسئلة صادمة ، مشككة ، متهمة ، ويبحثون عن " المعازف " ويلتقطون بحاسة الشم روائح مريبة. ثلاثة نماذج لممارسات ، وتسلط ، ومحاصرة للناس ، نماذج تختلف في أغراضها ، ودلالاتها ، منتدى فكري عالمي ، ومحفل لجمعية للفنون ، وخصوصية بحتة للناس ، لايحق لأحد مهما كان اقتحامها إلا في حالات الأمن الوطني ، فحرية المواطن مقدسة ويكفلها النظام السياسي للوطن . إلى أين من هنا . أحسب أن كلّ من مارس فعل التدخل من خلال هذه النماذج ، وهو لايحمل صفة أمنية ، أو تكليفاً سياسياً ، أن يكون مكانه بين جدران أربعة إما في مصح عقلي، أو سجن ، فكفانا تسلطاً ، وكفانا إرهاباً . ونخلص إلى القول بأننا نعيش أزمة وعي ، وأزمة أخلاق تعاملية..