على الرغم من كثرة الشعراء، وغزارة الشعر كإنتاج أدبي، وتعدد المنابر التي تسوق الشعر وتروج له، من فضائيات وصحف، ومواقع إلكترونية، إلا أن هناك قصائد وأبياتا لا يزال يرددها الأجيال منذ عقود، وكأنها قيلت (البارحة) في مؤشر يدل على الجوهر والمعنى والمضمون التي حملته تلك الأبيات والقصائد، ونستطيع أن نشبهها مجازا بأنها أبيات ضد الشيخوخة، ولا تعترف بعوامل النحت والتعرية أو التقلبات المناخية، وعادة ما ترتبط تلك الأبيات بمواقف أصحابها الذين يتسمون بالشجاعة والكرم والنخوة، وهنا نرصد مجموعة من أشهر القوافي التي لا تزال حية بيننا لم تشخ ولم تهرم عظامها.. وبقيت يانعة رغم مرور الزمن.. وعند ذكر الأبيات الخالدة لا بد أن نتذكر الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري الذي كانت له نفس شعرية معينة، يمزج فيها ما بين الحكمة والفروسية والغزل، ومن أشهر قصائده (يقول من عدا) التي تغنى بها الفنان محمد عبده، وما زال الناس يرددون أحد أشهر أبياتها..الذي يقول مطلعه: لا خاب ظني بالرفيق الموالي مالي مشاريه على نايد الناس لعل قصر ما يجيله ظلالي ينهد من عالي مبانيه للساس لا صار ما هو مدهل للرجالي وملجا لمن هو يشكي الضيم والياس وعند ذكر الأبيات التي لا تزال تعيش بيننا ونتناقلها في مختلف المناسبات، وما زالت عندما تلقى كأننا نسمعها للمرة الأولى، أبيات الشاعر راكان بن حثلين الذي ركز من خلالها على الجانب الاجتماعي، والتلاحم والترابط ووصف حالة ارتياح نفسي معين في قوله: يا ما حلا الفنجال مع سيحة البال في مجلسن ما فيه نفس ثقيله هذا ولد عم وهذا ولد خال وهذا رفيق ما لقينا مثيله يا ليت رجال يبدل برجال ويا ليت في بدلا الرجاجيل حيله وما دام صوت الفناجيل قد ظهر في الأبيات السابقة، فإن من أشهر الأبيات التي تناولت القهوة و(الفنجال) بروح الطرافة، وخلدتها الأجيال.. البيت الذي ألقاه الشاعر ناصر العبدالكريم على بن حنيف المطيري، وكان على سبيل المداعبة بينهما عندما قال له: خمسة عشر فنجال لحنيف صبيت لو أن بطنه قربة قد ملاها فرد عليه حنيف: لا تحسبني من دلالك تقهويت ما ينقه الشراب من كثر ماها ويعتبر الشاعر محسن الهزاني أحد الشعراء الذين كان لهم تأثير كبير في عصره، ورائدا من رواد القصيدة التي يتناقلها الركبان، وإضافة إلى شعره كان يحظى بمكانة اجتماعية كبيرة من خلال إمارته للحريق، وظلت قصيدته في (هيا) رمزا للغزل والقوة التصويرية.. وتردد إلى الآن: برقن تلالا قلت عز الجلالا واثره جبين صويحبي واحسبه برق وقالوا تتوب من الهوا قلت لالا الا ان تتوب رماح علوا عن الزرق وقالوا تجوز عن الهوا قلت لالا الا ان تجوز الشمس عن مطلع الشرق مبسم هيا له في الظلام اشتعالا بين البروق وبين مبسم هيا فرق وبحكم طبيعة الحياة البدوية التي تمثل فيها (شبة النار) جزءا مهما من روتين الحياة اليومية التي يمثل فيها الحطب والنار والدلال.. كما يقول دغيم الظلماوي: يا كليب شب النار يا كليب شبه عليك شبة والحطب لك يجابي وعلي أنا يا كليب هيله وحبه وعليك تقليط الدلال العذابي وادغث لها يا كليب من سمر جبه وشبة الي منه غفى كل هابي