ادت سلسلة هجمات شهدها العراق امس، بينها هجوم انتحاري استهدف زوارا شيعة في جنوب البلاد وانفجارات هزت بغداد، الى مقتل ما لا يقل عن 68 شخصا واصابة نحو 150 اخرين بجروح، في موجة عنف تتزامن مع الازمة السياسية التي تعيشها البلاد. وهذه الحصيلة هي الاكبر في يوم واحد منذ 15 اغسطس 2011 عندما اسفرت سلسلة هجمات في مدن عدة عن سقوط 74 قتيلا على الاقل. وسقط ثلثا قتلى امس تقريبا في هجوم انتحاري استهدف زوارا كانوا متوجهين سيرا على الاقدام الى مدينة كربلاء لاحياء ذكرى اربعينية الامام الحسين. وقال الطبيب هادي بدر الرياحي مدير عام صحة محافظة ذي قار لوكالة فرانس برس ان "مستشفيات المحافظة استقبلت جثث 45 شخصا و68 جريحا من ضحايا الانفجار" مصححا بذلك حصيلة سابقة اشارت الى 38 قتيلا و62 جريحا. من جانبه قال اللواء صباح الفتلاوي ان انتحاريا يرتدي حزاما ناسفا فجر نفسه وسط تجمع من الزوار في منطقة البطحاء غربي مدينة الناصرية (370 كلم جنوب بغداد) ما اسفر عن سقوط العديد من القتلى بينهم ضابط برتبة ملازم كان مسؤولا عن التفتيش واصابة عدد كبير آخر. واضاف اللواء الفتلاوي ان "الانتحاري استهدف موكبا يقدم الطعام والخدمات للزوار اثناء نيلهم قسطا من الراحة قبل اكمال المسير، في ناحية البطحاء". وقال مصدر في وزارة الداخلية ان "23 شخصا على الاقل قتلوا واصيب نحو 66 اخرين بجروح في سلسلة انفجارات بينها انفجار سيارتين مفخختين في منطقة الكاظمية (شمال) ودراجة مفخخة وعبوتين ناسفتين في مدينة الصدر (شرق)". واضاف ان "سيارتين مركونتين في ساحتي الزهراء والعروبة في منطقة الكاظمية انفجرتا حوالى التاسعة صباحا ما ادى الى مقتل نحو 14 شخصا وجرح 31 اخرين". واكد مصدر في وزارة الدفاع حصيلة انفجار السيارتين في منطقة الكاظمية. وحمل الحشود الذين تهافتوا لانقاذ الضحايا، السياسيين وقوات الامن المسؤولية عن وقوع الانفجارات. كذلك اعلن المصدر في وزارة الداخلية "مقتل تسعة اشخاص على الاقل واصابة نحو 35 اخرين بجروح في ثلاثة انفجارت في مدينة الصدر" ذات الغالبية الشيعية في الجانب الشرقي من بغداد. واوضح المصدر ان "دراجة نارية مفخخة انفجرت في ساحة 55 حيث يتجمع العمال حوالى السابعة صباحا ما ادى الى مقتل سبعة واصابة نحو عشرين اخرين بجروح". وتابع "بعد وقت قصير انفجرت عبوتان ناسفتان عند مستشفى الصدر العام ما اسفر عن مقتل شخصين واصابة حوالى 15 اخرين بجروح". واكد مصدر في وزارة الدفاع "مقتل تسعة واصابة ما لا يقل عن 35 اخرين جراء انفجارات وقعت في مدينة الصدر". اثر ذلك تعهد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بملاحقة الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة ومن يساعدهم من الصداميين الذين استهدفوا مواكب الزوار في مدينة الناصرية. وقال المالكي ، في بيان صحفي "أن هذه الأعمال الإجرامية البشعة وأهدافها الخبيثة لا تنطلي على العراقيين ولا يستطيع هؤلاء القتلة ومن يقف خلفهم تحطيم وشائج الأخوة والمحبة التي تربط بين العراقيين". وطالب المالكي ، في بيانه" قوات الجيش والأجهزة الأمنية التي كشفت وفككت في الآونة الأخيرة العديد من أوكارهم وشبكاتهم الإرهابية بمضاعفة جهودهم وعدم التراخي في أداء مسئولياتهم لحماية المواطنين والاستمرار في ملاحقة فلول هؤلاء أينما كانوا". ودانت ايران بشدة هذه الهجمات. وقال نائب وزير الخارجية حسين امير عبدلهيان كما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية الرسمية ايرنا ان "هذه الاعمال محاولة لإثارة مواجهات طائفية في هذا البلد المهم في المنطقة". كما دان ممثل الاممالمتحدة في العراق مارتن كوبلر بشدة هذه الاعتداءات. وقال في بيان "ادعو العراقيين كافة الى الحزم تجاه الذين يستخدمون العنف في أسوأ اشكاله لمنع البلد وشعبه من النجاح كأمة ديموقراطية، مستقرة، آمنة ومزدهرة". وتتزامن هذه الهجمات التي تعد الاكثر دموية منذ 22 ديسمبر الماضي عندما قتل نحو 60 شخصا في سلسلة انفجارات وقعت في بغداد، مع ازمة سياسية مستمرة في العراق. وحثت الولاياتالمتحدةوالاممالمتحدة السياسيين العراقيين على التفاوض في ما بينهم لمعالجة الخلافات التي تهدد العملية السياسية في البلاد. كما دانت بريطانيا امس سلسلة التفجيرات التي وقعت في العراق، وحثّت القادة العراقيين على الخروج من المأزق السياسي الحالي. وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ألستير بيرت "ذُهلت حين علمت بالهجوم على زوار شيعة في الناصرية (جنوب) والذي قتل وشوّه الكثير من الناس، والتفجيرات في بغداد في وقت سابق اليوم، ونحن نستكر وندين هذه الأعمال الوحشية بأقوى العبارات". وحث بيرت الأحزاب السياسية والقيادة في العراق على "تجديد جهودها للخروج من المأزق السياسي الحالي، بحيث يمكنها التركيز معاً على إعادة إعمار العراق، وإحلال الأمن والاستقرار فيه، ورفع نوعية الحياة لموطنيه". من جهته أدان حزب الله بشدة سلسلة التفجيرات التي شهدها العراق امس، واعتبرها نسخة جديدة من "مشروع الانتقام الأميريكي" من العراق، واصفاً إيّاها بأنها "جرائم إرهابية". وقال حزب الله في بيان مساء امس، إن "سلسلة من الجرائم الإرهابية الجديدة ترتكبها أيدي الشر والإجرام السوداء بحق أبناء الشعب العراقي الآمنين، ما أدى إلى نشر الموت والدمار في العديد من المدن وقتل وجرح المئات من الأشخاص". ورأى أن"هذه الجرائم المتنقلة هي النسخة الجديدة من مشروع الانتقام الأمريكي من الهزيمة المدوية التي أصابت قوات الاحتلال التي خرجت ذليلة من أرض العراق".