قضى العامل "شريف" -باكستاني الجنسية- قرابة 17 سنة في المملكة متنقلاً ما بين مدينة الرياضوجدةوالدمام, خرّج على يده مجموعة من أبناء جلدته دون كلل ولا ملل, متخصصون في أعمال الميكانيكا, ويمتلك ثلاث ورشة متخصصة في صيانة السيارات ب "الخضرية" -مجمع ورش صيانة السيارات بمدينة الدمام- باسم مواطن سعودي يمنحه شهرياً مبلغا وقدره عشرة آلاف ريال. يقول "شريف" أتحمل سداد قيمة إيجارات الورش والفواتير، وكذلك مبالع خدمات العمالة من تجديد الإقامات والخروج والعودة وخلافه، وعلى الكفيل فقط التوقيع. وعرضت عليه خلال اللقاء بيع تأشيرة سائق خاص -بحثاً عن المعلومة-، وقابلنا بالترحيب، وبدأ في التفاوض على المبلغ وآلية التعامل لضمان حقه وحقه العامل الذي سيتم استقدامه, واتفقنا على مبلغ 12 ألف ريال, وغادرنا المكان بعد أن أخذ منّا ارقام الهواتف للتواصل في وقت لاحق. وظاهرة شراء التأشيرات من قبل العمالة الأجنبية في السوق السعودي انتشرت تحت غطاء غير رسمي، وصورتها أن المواطن -نظراً لحاجته التي يحددها مكاتب العمل والاستقدام- يُمنح تأشيرة، ولكن هدفه الأساس بيعها, والتأكيد على ذلك ما قاله العامل العامل "محمد صفي الدين" -هندي الجنسية-، حيث لوحظ عليه الشياكة ويمتطي سيارة من نوع كامري، ويقول: لدي أكثر من 25 عاملاً في الدمام تحت كفالتي غير الرسمية، وأملك جوازاتهم، ويتقاضى الكفيل مبلغ 250 ريالاً شهرياً عن كل عامل, مشيراً إلى أن العمالة تعمل في قطاعات مختلفة ما بين صيانة السيارات وغسيلها، وكذلك البيع في سوق الخضرة، وبعض البوفيهات, مؤكداً أنهم يعملون في كل شيء أين ما احتاج السوق تجدهم يتواجدون يتعلمون ومن ثم يبدعون في وقتٍ لا حق. تراكمات سابقة وتأتي هذه التراكمات من بيع للتأشيرات وسيطرة العمالة على السوق المحلي -التي تسبب فيها مواطنون بالتعاون معهم- في تواجد قرابة ثلاثة ملايين عامل كفائض عن حاجة سوق العمل المحلي –حسب ما أكده مختصون–؛ مما دفع بوزارة العمل إلى اتخاذ حزمة من البرامج والقرارات التي ستحد من العمالة العشوائية، وتشجيع القطاع الخاص على تطبيق السعودة، وتوظيف الشباب السعودي، إضافة إلى أهداف استراتيجية اقتصادية تهدف المملكة إلى تحقيقها خلال السنوات القريبة المقبلة, حيث جاء برنامج "نطاقات" الذي من خلاله يطبق قرار بقاء مكوث العامل مدة ست سنوات في السوق المحلي، وهذا القرار حسب ما أكده رئيس غرفة الشرقية سيشمل قرابة 20 بالمائة من حجم العمالة. توضيح القرار وأوضح "حطّاب بن صالح العنزي" -المتحدث الرسمي لوزارة العمل- إن إجراء عدم التجديد للعمالة الوافدة التي مضى عليها ست سنوات في المملكة ينطبق على عمالة المنشآت الواقعة في النطاق الأحمر من برنامج نطاقات, مشيراً إلى أن هذا الإجراء ينطبق أيضاً على العمالة الواقعة منشآتها في ذلك النطاق بغض النظر عن المدة التي قضاها العامل في المملكة، ولكن هنا يحق لها نقل الكفالة دون موافقة صاحب العمل. توظيف الشباب وهذا القرار يساعد على خفض نسب البطالة في المملكة، وهو الهدف الذي تسعى وزارة العمل إلى تحقيقه خلال الفترة الزمنية المقبلة، حيث ذهب عدد من المسؤولين بأن القرار في مجمله قرار ايجابي، ويخدم المصلحة العامة للمواطنين، ولكنهم دعوا في الوقت نفسه إلى الدراسة المتأنية قبل الشروع في تنفيذ القرار، وذلك لعدم إحداث خلل في السوق المحلي السعودي من جراء إنهاء عدد كبير من الأجانب لعقودهم في المملكة. عمالة تمتهن بيع كل شيء على الرصيف وتسعى وزراة العمل من خلال حزمة من القرارات والبرامج إلى توطين السعودة والسيطرة على تفشي العمالة داخل السوق السعودي، ومحاربة كافة المخالفات التي تمت في الظاهر بشكل رسمي وفي الخفاء بشكل مخالف وصريح. وتطبيق قرار الست سنوات سينطبق على عمالة المنشآت التي تأتي في النطاق "الأحمر" الذي حددته وزارة العمل في برنامج "نطاقات"، ولكن تبقى نسبة كبيرة من العمالة التي يملكها الأفراد مثل السائق الخاص, والعمالة على مهنة مزارع, مربي مواشي, عمالة المؤسسات الفردية التي لا ينطبق عليها برنامج "نطاقات", تبقى هذه العمالة متفردة بقوتها في السوق, حيث طالب مختصون تطبيق برامج على تلك العمالة. فرصة للشباب وأوضح عدد من رجال الأعمال في المنطقة الشرقية أن الفرصة أصبحت مهيأة أمام الشباب السعودي لخدمة اقتصاد بلدهم، من حيث إنشاء المؤسسات الخدمية التي تسيطر عليها في الوقت الراهن عمالة أجنبية مخالفة, موضحين أن تلك المنشآت الصغيرة تدر أرباحاً هائلة على عمالتها في الوقت الذي لا يتيقن الشباب بأنها مربحة. عبدالرحمن الراشد التستر التجاري وأكد رئيس غرفة الشرقية "عبدالرحمن بن راشد الراشد" على أن قرار وزارة العمل تحديد مدة إقامة العمالة يسعى إلى القضاء على التستر التجاري الذي أضحى منتشراً، وشوه من القيمة الاقتصادية للسوق السعودي الداخلي، مبيناً أن العديد من الأجانب المتسترين تحت غطاء مستثمر سعودي ينتزعون من خيرات الاقتصاد السعودي دون أن يتحملوا أي ضرائب, مشيراً إلى أن المشكلة التي تلحق الضرر باقتصاد المملكة هي المبالغ التي تصل إلى المليارات يتم تحويلها بشكل سنوي إلى بلدانهم دون أن يستفيد منها الوطن والمواطن. ودعا "الراشد" الى تطبيق سعودة الملكية في الانشطة التي تنتشر فيها التستر التجاري، وذلك عبر عدد من الخطوات التي من الضروري البدء في تنفيذها، والتي تقود إلى تنظيم السوق الداخلي السعودي عبر عدد من الجهات التي تشترك في مسؤوليتها عبر ترتيب القطاعات، وإيجاد الدراسات والاحصائيات والضوابط التي تضمن العديد من الإيجابيات العائدة إلى السوق وعلى المستهلك من الأسواق السعودية الداخلية. عبدالرزاق العليو وقال: "إن قرار تحديد ست سنوات لإقامة العامل الاجنبي في المملكة يخص عمال شركات النطاق الأحمر فقط", متوقعاً أن يشمل قرابة 20 في المائة من الأجانب في المملكة, مؤيداً في الوقت نفسة وزارة العمل في تطبيق هذا القرار على فئة النطاق الأحمر لعدم تجاوبهم مع ضوابط برنامج نطاقات، والذي يسعى إلى توظيف السعوديين وإحلالهم في شركات القطاع الخاص. مصلحة وتنظيم وبين "عبدالرزاق العليو" -رجل أعمال- أن القرار يخدم المصلحة العامة للاقتصاد الوطني والأسواق السعودية، ويدعو إلى تنظيم القطاعات التجارية في الأسواق السعودية الداخلية، مبيناً أن التوضيح من قبل وزارة العمل فيما يخص تحديد مدة الاقامة للأجانب بمدة زمنية لا تتجاوز ست سنوات بالعاملين في شركات النطاق الأحمر، متوقعاً أن برنامج نطاقات وما يتميز به من حوافز سيقضي على عشوائية العمل في السوق السعودي من تجارة التأشيرات والتستر التجاري، وستختفي تلقائيا من السوق؛ بشرط الاستمرار في تطبيق ما جاء في البرنامج على كافة الشركات والقطاعات الاقتصادية. واستبعد "العليو" إحداث نوع من الخلل في السوق السعودي جراء تطبيق إجراء تحديد الست سنوات لإقامة الأجنبي، مبيناً أن إخراج عدد من الأجانب الذين يتسترون تجارياً عبر انظمة سابقاً تساعدهم في ذلك سيخلق عددا من الفرص للشباب السعودي في الدخول الى السوق، والاستثمار عبر المنشات الصغيرة التي ستشهد تطوراً أكبر في حال وجود أنظمة وتنظيم للسوق تساعده وتسهم في تطويره. فرص عمل مقبلة وأشار "م.عبدالرحمن البراك" إلى أهمية الاستعداد من قبل الشباب للفترة المقبلة، حيث ستكون الفرصة مهيأة امامهم في الدخول إلى كثير من الأعمال التي سيستبعد اصحابها وعمالها الأجانب من العمل داخل المملكة؛ لعدم مطابقة الضوابط المطبقة من وزارة العمل على تلك الفئة، مشيراً إلى أن ذلك سيخلق فرصة أمام السعوديين إلى الدخول في الاستثمارات الصغيرة التي كانت تسيطر عليها العمالة الأجنبية. وقال إن توجه البقاء من العامل الأجنبي داخل المملكة رغبة منه أو من صاحب العمل لا بد أن يقابله ضوابط أقرب أن تكون في صورة رسوم مالية، أو ضريبة تدفع من قبل الاجنبي للاستفادة منها في عدد من القطاعات التي تخدم المواطن، إضافة إلى ضبط التحويل البنكي من هذا العامل بما لا يتجاوز راتبه الشهري حتى نسعى إلى الوقوف بقوة أمام التستر التجاري للمخالفين لأنظمة العمل في السوق السعودي.