يرى المحللون للشأن السياسي في باكستان بأنه يبدو أن الحكومة الائتلافية التي يقودها حزب الشعب الباكستاني بدأت تواجه مشاكل جذرية بسبب الخلافات التي نشأت مؤخراً بين الحزب الحاكم وبين حزب الرابطة الإسلامية (مجموعة القائد الأعظم) بقيادة شودري شجاعت حسين، حيث قام أعضاء الحزب الأخير بتقديم استقالاتهم إلى رئيس حزبهم متهمين الحزب (الحاكم) بقيادة الرئيسي الباكستاني آصف علي زرداري بعدم إيفائه لوعوده معهم. ويرى رئيس حزب الرابطة الإسلامية (مجموعة نواز) نواز شريف بأن الحكومة الباكستانية ستكون معرضة للانهيار حال انسحاب (مجموعة القائد) من الائتلاف الحكومي، بينما يرى قائد (مجموعة القائد) بأنه سيواصل موالاته للأحزاب المشاركة حالياً في الائتلاف الحكومي إلى مدى طويل. وفي هذا الصدد تحدثت تقارير إعلامية باكستانية عن حدوث انشقاقات بين صفوف حزب (مجموعة القائد) لوجود اختلافات في وجهات نظر أعضاء هذا الحزب. وفي سياق متصل تحدثت التقارير نفسها عن عودة حزب (الحركة القومية الموحدة) إلى صفوف الائتلاف الحاكم في كلتا الحكومتين الفيدرالية والإقليمية في إقليم السند الجنوب الشرقي الباكستاني الذي يضم مدينة كراتشي الساحلية الواقعة في أقصى جنوبباكستان. وتأتي هذه التطورات في أعقاب الاحتجاجات التي نظمها حزب نواز شريف في مختلف المناطق الباكستانية ضد فشل الحكومة الباكستانية في إيجاد حلول مرضية لأزمة الكهرباء (وهي قضية وصلت إلى حد الغليان الشعبي في مختلف أرجاء باكستان) إلى جانب إبراز القضايا الشعبية الأخرى، وذلك كخطوة سياسية من قبل نواز شريف (المعارض) لتحريك الشارع العام الباكستاني ضد حكومة الرئيس آصف علي زرداري. والملفت للنظر هو أن عودة (حزب الحركة القومية الموحدة) إلى صفوف الائتلاف الحكومي، جاء قبل يوم من صدور قرار المحكمة العليا الاتحادية الباكستانية بشأن الوضع الأمني المتدهور في مدينة كراتشي التي تشهد ظروفا أمنية خطيرة متمثلة في ظاهرة الاغتيال المستهدف والتي راح ضحيتها المئات من سكان المدينة حتى الآن. من جانبه أوضح حاكم إقليم السند عشرت العباد بأن الرئيس زرداري قد دخل في تفاهم مع (حزب الحركة القومية الموحدة)، وذلك كخطوة تمهيدية لمعالجة القضايا الخلافية بين المتحالفين السياسيين لتكمل الحكومة الباكستانية مدة حكمها الدستورية في البلاد، ويتساءل الشارع العام الباكستاني عن نوعية التفاهم الذي تم بين الحزبين ما بعد الخلافات الشديدة التي دارت بينهما وأدت إلى انسحاب (حزب الحركة القومية الموحدة) من الائتلاف. إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ما هي الرؤية المستقبلية لحزب الحركة القومية الذي كرر انسحابه وعودته إلى الائتلاف الحاكم ؟ وما هي المصلحة العامة التي تقف وراء هذه المصالحة التي ينظر إليها المحللون السياسيون بالمصالحة الغريبة من نوعها !! هذه هي الأسئلة التي يبحث عنها المراقبون للتطورات السياسية داخل باكستان. يذكر أن الائتلاف الحكومي الباكستاني كان قوياً حتى وقت قريب ، وكانت قوته قد ازدادت بعد انضمام حزب الرابطة الإسلامية (مجموعة القائد) إليه بموجب 54 مقعدا من إجمالي مقاعد البرلمان الاتحادي الباكستاني التي تبلغ 342 مقعداً، وذلك عبر الاتفاق الذي توصل إليه الحزبان في مايو من هذا العام، إلا أن هذا التحالف سرعان ما تعرض للمخاطر وأوشك على التفكك لظهور خلافات بين أعضاء حزب (مجموعة القائد) حول القضايا الشعبية وتوزيع الحقائب الوزارية والسلطة الإدارية. وينتظر الأعضاء المعارضون للحكومة من صفوف هذا الحزب قرار الحكومة بشأنهم، ليقرروا مدى إمكانية تحالفهم مع الحكومة من عدمه. من جهة أخرى يرى المراقبون للشأن السياسي الباكستاني بأن زعيم حزب الرابطة الإسلامية (مجموعة نواز الذي يستحوذ على 91 مقعدا في البرلمان الاتحادي) بقيادة نواز شريف متخوف من أن تتدخل المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي وأن تقوم بفرض الحكم العسكري، وأن يتعطل النظام الديموقراطي في باكستان والذي يمنح حزبه حق لعب دور المعارضة البرلمانية في باكستان. إذ يأمل هؤلاء المراقبون انسحاب حزب (مجموعة القائد) من الائتلاف الحكومي مما يمكنه أن يحدث تغييرات جذرية في الحكومة الباكستانية الحالية، كما أنه سيمهد الطريق للأحزاب المعارضة وخصوصاً مختلف فئات حزب الرابطة للتكتل سوياً لإسقاط الحكومة الباكستانية، وهذا ما دفع الحزب الحاكم (الذي يستحوذ على 124 مقعدا في البرلمان الاتحادي) إلى مراجعة تحالفه مع حزب حركة المهاجرين القومية النشط في كراتشي والذي يستحوذ على 25 مقعدا فقط في البرلمان الاتحادي الباكستاني. ويرى الرأي العام في باكستان بأن الحزب الحاكم الباكستاني يحاول من خلال تحالفه مرة أخرى مع حزب (الحركة القومية الموحدة) الحفاظ على أغلبيته في البرلمان الاتحادي الباكستاني، لأن انسحاب حزب الرابطة الإسلامية (مجموعة القائد) سيتسبب في خسارة الائتلاف الحكومي 54 مقعداً في البرلمان الاتحادي، وهذا ما دفع الحزب الحاكم إلى إعادة حزب الحركة القومية إلى صفوفه لاستعادة 25 مقعداً على الأقل ليتسنى له مواصلة الحكم في باكستان لغاية اكتماله مدته الدستورية وهي خمس سنوات انقضى منها قرابة ثلاث سنوات ونصف.