ثمة حقيقة عن أمهات وجدات أيام زمان.. وهي أن صدور الأمهات والجدات كانت تقوم مكان الجيب بالنسبة للرجل.. فتضع فيه المرأة مفتاح البيت (الساقط) الخشبي المسنن والشبيه بالمشط وبجانب المفتاح تذكرت أشياء ذات علاقة موغلة في القِدم لم يعد لها وجود كالخوخة والجصة.. ولعل أهم ماتضعه المرأة في صدرها هي أداة التزين القديمة (الديرمَه) قبل أو بعد (دقها) حيث كانت سوانح الأسبوع ماقبل الماضي.. ومبلغ مائة ريال ملفوفة بعناية بمنديل أو قطعة قماش لتكون (رفاعة) أي نقوط لقريبة نفساء (في النفاس) أو مرة الجيران التي ولدت قريباً.. بجانب مشبك للضرورة JUST IN CASE ليس هذا فحسب فقد تُخرج المرأة بعض (القريض) من صدرها لتعطيه لأطفالها أو أحفادها أو لبعض الأطفال الذين يفرحون به كثيراً.. وأنقل صورة عشتها في سن الخامسة من منزلنا الطيني في المعيقلية قبل أربعة عقود.. أو تزيد كثيراً.. ففي صحن الدار (بطن الحوي) كانت النسوة يتحلقن (في ليلة زفاف) حول الطقاقة (حجيبا) أو الحجيبا والطقاقة الحجيبا الأشهر آنذاك.. وقد كان غناء الطقاقة وأصوات الطبول وأصوات النساء المدعوات.. يُسمع خلالها من يقمن برمي النقود الورقية والمعدنية على الطقاقة وهن يقلن (طقي في شوط آل فلان) وبعضهن يحملن أطفالاً رضعاً مستغرقين في نوم عميق.. رغم أصوات الدفوف والطيران والمغنية.. أثناء حفل الزفاف هذا وقف طفل لم يتجاوز السنوات الخمس من عمره يرقب هذا الحفل بانبهار واستغراب بين مجموعة من الأطفال الصغار يركضون جيئة وذهاباً حيث مكان الطقاقة وبقية النساء.. ويلعبون فرحين بملابسهم الجديدة وما يحملونه من حلوى.. بما فيهم الطفل ذي السنوات الخمس.. وفي ليلة الزفاف هذه يصل غناء الطقاقة إلى الخارج ويتخلله بين حين وآخر نداء بعض النسوة على بعض الأطفال (فهد.. عبادي) الذين يستجيبون لندائات أُمهاتهم.. فيقومون بالجري والدخول.. إلا الطفل ذو السنوات الخمس لا أحد ينادي عليه.. وفي الأسبوع القادم أخبركم عن السبب.. فإلى سوانح قادمة بإذن الله.