عندما بدأ «أبو أحمد» يحسب ميزانية المياه في منزله أصيب بالدهشة، وقال إنه يحسبها للمرة الأولى.. قال «أبو أحمد» إن أفراد أسرته الصغيرة التي لا تتجاوز الخمسة أفراد تستهلك يومياً قارورة ماء كبيرة للشرب ومثلها للطهي والشاي والقهوة، أي أنهم يستهلكون يومياً قارورتين، وبالتالي فانه يشتري أربع عشرة قارورة اسبوعياً بسبعة ريالات للقارورة الواحدة؛ أي انه ينفق 49 ريالاً اسبوعياً للماء أي حوالي مائتي ريال شهرياً.. «أبو أحمد» هزّ رأسه وهو يحاول الرد على سؤال هام حول أسباب عدم استخدامه لمياه البلدية التي تأتيه ثلاث مرات اسبوعياً «شبه مجانية»، وتتمتع بمواصفات جودة تضمنها وزارة المياة و الكهرباء وقال: لا أعرف.. اعتقد انه من المتعارف عليه كثيراً استخدام المياه المعدنية للأكل والشرب!. وتعود أسباب انتشار استخدام المياه المعبأة في المملكة إلى قناعة بعض الأهالي -على حد قولهم- أن مياه الشبكة العامة التي تصل إلى المنازل لا تصلح للشرب، على الرغم من تطمينات وزارة المياة و الكهرباء بأن المياه المنتجة منها والتي تعرف بالبلدية هي مياه مطابقة للمواصفات العالمية لمياه الشرب، وإذا ما كانت هناك مشكلة فهي تكمن في بناء خزانات المياه الأرضية قريباً من الصرف الصحي؛ مما يعرضها للتلوث، إلى جانب عدم تنظيف وتطهير الخزانات الأرضية والعلوية بشكل دوري، كذلك حرارة الصيف الشديدة. يذكر أن أول مياه معبأة وردت الى المملكة في السبعينات من القرن الماضي كانت مستوردة من لبنان، وكانت تسمى مياة «صحة» ويعود لهذا الاسم التجاري السبب في أن عرفت المياه المعبأة بالمياه الصحية بين أفراد المجتمع، أما أول مصنع محلي لانتاج المياه المعبأة فكان في مكةالمكرمة في منتصف التسعينيات، وفي نهاية التسعينات أي عام 1999 كان عدد المصانع داخل المملكة قد وصل إلى 41 مصنعاً تنتج 35 مليون لتر مكعب من المياة المعدة للشرب في السنة. وحالياً يقدر الخبراء عدد المصانع بين 70- 75 مصنعاً تنتج قرابة 2.5 -3 مليار لتر؛ يشكل انتاج جدة منها 55%، ونحن نستهلك نصف الكمية المنتجة سنويا في شهور الصيف الثلاث بطبيعة الحال. في هذا التحقيق الموحد حول المياه المعبأة نحاول معكم معرفة لماذا يلجأ الناس لشراء المياه المعبأة؟، والجدوى الاقتصادية لها؟، ودخولها في باب الوجاهة الاجتماعية؟، ودخول صناعتها وتجارتها في منافسة عالية غير مبررة؟.