تحولت تجارة مياه الشرب المعبأة وأجهزة التحلية المنزلية إلى تجارة رائجة تدر أرباحاً كبيرة على العاملين فيها، إذ أصبح لا يخلو منزل سعودي إما من جهاز تحلية مياه، أو استخدام «غالونات» المياه الصحية المعبأة التي تقوم الشركات بتوصيلها للمنازل مجاناً، وبالكميات التي يطلبها الزبون. كما أن هذه الشركات تقدم خصومات كبيرة للحصول على أكبر شريحة من السوق، التي باتت تعتمد على المياه الصحية بنسبة تتجاوز 40 في المئة، في حين أن أكثر من 30 في المئة من سكان السعودية وضعوا أجهزة تحلية المياه في منازلهم. ويوجد في السعودية 75 مصنعاً للمياه، تنتج نحو 6 بلايين لتر مياه سنوياً. ويقول مشرف أحد مصانع تعبئة المياه متعب بدوي ل «الحياة»، ان عدد مصانع المياه المعبأة في السعودية يتجاوز 75 مصنعاً، تستحوذ الرياض وحدها على 15 مصنعاً، وتبلغ الطاقة الإنتاجية لهذه المصانع أكثر من 6 بلايين لتر سنوياً، ويتجاوز حجم استثماراتها بليوني ريال. وأضاف: «يرتبط استعمال المياه المعبأة بعوامل عدة، أهمها عدد السكان، ومعدل النمو، ونسبة السكان التي تستخدم المياه المعبأة، ومعدل استخدام الفرد، وعدد الحجاج والمعتمرين، ويبلغ معدل نمو انتاج المياه سنوياً 7 في المئة»، مشيراً إلى أن بداية استيراد المياه كانت من لبنان وأطلق عليها اسم «صحة»، وبعد الطفرة توسع استيراد المياه وأصبحت تأتي من مختلف البلدان الأوروبية، بخاصة الجبلية منها، مثل النمسا وفرنسا وهولندا وغيرها، وأُقيم أول مصنع سعودي في مكةالمكرمة في منتصف التسعينات، كما أن مصانع المياه الصحية في غالبها تعتمد على المياه الجوفية بتعبئتها بعد فحصها وتنقيتها وموازنتها بالأملاح المرغوبة وغيرها. ولفت بدوي الى أن عدد المصانع ارتفع من 15 مصنعاً في عام 1994 إلى 41 مصنعاً في عام 1999 بطاقة إنتاجية تقارب 35 مليون لتر في السنة، ثم زاد المنتج بشكل كبير جداً في السنوات الخمس الماضية حتى بلغت الطافة الإنتاجية للمصانع نحو 6 بلايين لتر، لافتاً إلى أن نصيب جدة من الإنتاج يبلغ 55 في المئة، كما أن أكثر من ثلثي الإنتاج يستهلك في أشهر الصيف. من جهته، قال موزع المياه الصحية سردار سليمان ل «الحياة»، إن شركات بيع المياه الصحية المعبأة تقوم حالياً بتسويق المياه للمنازل، مشيراً إلى أن الطلب على المياه المعبأة ارتفع خلال الأعوام الخمسة الماضية بنسبة 120 في المئة، مشيراً إلى أن أكثر من 30 في المئة من سكان السعودية يستهلكون المياه الصحية المعبأة في الشرب. أما مدير التوزيع في شركة مختصة بتركيب أجهزة تحلية المياه حسان خليل، فأوضح أن السعوديين أصبحوا يتجهون إلى تركيب أجهزة تحلية المياه في المنازل والتي يتم توصيلها ببردات المياه أو في المطابخ والتي تنقي مياه الطبخ والشرب، وخلال الأعوام الخمسة الماضية شهدت مبيعات تلك الأجهزة ارتفاعاً بنسبة 150 في المئة، كما اتجه البعض إلى تركيب فلاتر للمياه في البرادات، وتحتاج إلى تغيير دوري كل شهر تقريباً. وأضاف ل «الحياة»: «ان هناك إقبالاً كبيراً على أجهزة التحلية، بخاصة أن بعض المنازل تعاني من عدم نظافة خزانات المياه أو في المواسير الناقلة، كما أن هذا الأجهزة تعتبر أوفر للزبائن من شراء المياه الصحية المعبأة التي تكلف الكثير»، مشيراً إلى أن المياه التي تحليها الحكومة أفضل في حال وصولها بجودة عالية للمنازل من المياه الصحية المعبأة. وعن طرق عمل أجهزة تحلية المياه، قال خليل: «تعمل محطات تحلية المياه المنزلية بطاقة إنتاجية تبدأ من 50 إلى 400 غالون في اليوم الواحد، عن طريق نظام التناضح العكسي وتمر بمراحل عدة، إذ تبدأ المحطة أولاً بإزالة الشوائب والمواد العالقة، والمرحلة الثانية يزال فيها الكلور، أما الثالثة فيقوم الجهاز بإزالة الأملاح الزائدة والبكتيريا، وفي المرحلة الأخيرة يقوم الجهاز بالمعالجة الختامية للمياه بإزالة الطعم والرائحة واللون، لتكون المياه صالحة للشرب». وعن الأوقات التي يزيد فيها الطلب على أجهزة التحلية، قال مدير المبيعات في أحد المحال غسان صرصيري، إن أكثر الأوقات التي يتزايد فيها الطلب هي فترة الصيف، بسب زيادة استخدام المياه، بخاصة أن غالبية المناطق السعودية تشهد ارتفاعات كبيرة في درجة الحرارة، ما ينعكس بارتفاع نسبة استهلاك المياه. وأشار إلى تنوع أجهزة التحلية بحسب الصناعة، فيوجد في السوق أجهزة أميركية وتايوانية وصينية، فالأقل طلباً هو الصيني ويتراوح سعره ما بين 450 إلى 1500 ريال، أما الأكثر طلباً فهي الأجهزة التايوانية التي تحوي تقنية أميركية، أما الأفضل جودة والأعلى سعراً فهي الصناعة الأميركية التي يبدأ سعرها من 2000 وتصل إلى 10 آلاف ريال. من جهته، شدد الخبير في استخراج المياه من الآبار وتحليتها سلمان الفرحان، على ضرورة محاربة أساليب الغش والتلاعب في المياه، لافتاً إلى أن مياه البلدية تكون محمية ومحفوظة من الشوائب، أما الذين يشربون المياه الصحية المعبأة فهم يفعلون ذلك احتياطاً، وأحياناً تكون هذه المياه ذات مادة خطرة وتتسبب بأمراض خطرة.