منذ أكثر من عشر سنوات بدأ الحديث عن «إستراتيجية الرعاية الصحية في المملكة» وفي 2003م صدر بمرسوم ملكي كريم النظام الصحي متضمنا إنشاء (مجلس الخدمات الصحية) وكانت أول مهمة للمجلس نص عليها النظام هي إعداد إستراتيجية الرعاية الصحية في المملكة تمهيداً لاعتمادها من مجلس الوزراء. في سبتمبر 2009م، اعتمد مجلس الوزراء الموقر إستراتيجية الرعاية الصحية ونصت السياسة الأولى في الأساس الاستراتيجي الأول على (تطبيق الضمان الصحي التعاوني) كما نص الأساس الاستراتيجي السادس على (تفعيل دور القطاع الخاص الصحي في تقديم الخدمات الصحية يجعل له دورا أساسيا موازيا لدور الدولة.. وذلك في تطبيق الضمان الصحي.. وتوجيه المرضى المشمولين بالتأمين الصحي..) الآن ونحن في أبريل 2011 يقول معالي الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة الحالي إن مشروع نظام التأمين الصحي على المواطنين سيدرس «بتأنٍ» للوصول إلى توصيات يمكن تحقيقها على «أرض الواقع» من خلال تطبيق أنظمة وبرامج تؤدي إلى رعاية صحية متكاملة وسيكون هذا المؤتمر «نقطة البداية» لدراسة شاملة يتم من خلالها عقد ندوات وورش عمل.. وأن التجارب العالمية أثبتت أن التأمين الصحي لا يعني جودة أو توفير الخدمات الصحية، وأنه من الخطأ ربط أحدهما بالآخر. لقد فهمت من هذا التصريح – ولعلي مخطئا – بأن الوزارة لن تنفذ سريعا إستراتيجية الرعاية الصحية في المملكة «المعتمدة من مجلس الوزراء» المتضمنة التأمين الطبي على المواطنين الذي تتحفظ عليه الوزارة حاليا رغم أنه كان يمثل السياسة الأولى في الأساس الاستراتيجي الأول لدى «وزارة الصحة» في السابق. وأنا هنا لا أنتقد تصريح الوزير أو تحفظاته على جوانب من الإستراتيجية، إذ أنني أعرف أن لديه من المبررات المنطقية والواقعية ما يدعم رؤيته المختلفة عن رؤية الوزارة في السابق. ولكني أؤكد ما سبق أن طرحته عدة مرات وهو أن هناك خللا بنيويا في بناء الإستراتيجيات في المملكة، وقصور جوهري في متابعة تنفيذها، سواء لتطوير الرعاية الصحية أو لتوظيف السعوديين أو مكافحة الفقر وغيرها من إستراتيجيات يصرف عليها كثير من المال والجهد والوقت وتنعقد عليها آمال المواطنين لتخفيف معاناتهم، لكنها قد لا تنفذ، حتى لو تم الحديث عنها و»الإشادة» بها عشر سنوات!. وقد طرحت عدة مقترحات في هذا الخصوص وأضيف اليوم مقترحا جديدا هو تأسيس إدارة تابعة لمجلس الوزراء الموقر - وإدارة موازية في مجلس الشورى الموقر - تتابع بصورة مستمرة مدى تنفيذ كل إستراتيجية تصدر من المجلس والبرامج الإصلاحية الرئيسية (مثل تطوير التعليم وتطوير القضاء) وترصد أولا بأول معوقات التنفيذ لمعالجتها سريعا فلا ينتظر الناس نتائج إستراتيجية معينة أو يفرحون ببرامج إصلاحية معينة فيكتشفون بعد سنوات أن هناك خللا في الإعداد جعلها غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع!.