أنجز مهندس سعودي مشروعاً لتطوير حي سمحان التاريخي في محافظة الدرعية اتكّأ فيه على استلهام التراث باعتباره لبنة تاريخية وتصوراً تتدرج به ماهية وهوية كل انسان . وعن فكرة المشروع يقول المهندس ناصر بن محمد التركي: من باب الايمان بحاجة التخطيط والهندسة لآلية تتصف بطابع الحاجة الإنسانية ومن خلال ما لاحظت من افتقار بعض المدن الحديثة لحاجات الإنسان وعاداته ابتداء من تكوينها وحتى عمرانها ومواكبتها لهذه الخصائص بكل المعايير على المدى البعيد في وقتنا الحاضر خصوصا الجانب الإنساني في مدننا الحديثة ويرجع المهندس التركي ذلك الى تخطيط إحيائها دون مراعاة الجانب الإنساني ووضعت تنظيمات بناء على أسس لا تتفق مع عاداتنا الاجتماعية الأمر الذي دعاه إلى طرح أفكاره ورؤيته لتطوير حي سمحان في مدينة الدرعية (منطقة الرياض). ويواصل التركي حديثه موضحاً ان حي سمحان يتكون من جزء تاريخي ترائي قائم على تاريخ الحي ونشاطاته وطريقة الحياة الجميلة التي كانت تزخر بها مدننا التراثية القديمة الا انه غير آهل بالسكان رغم ان حالة المباني فيه جيدة جدا (المادة المستخدمة الطين واللبن والخشب) قياساً بعمرها الكبير واما الجزء الآخر فهو عبارة عن تخطيط شبكي حديث تختلف حالات المباني فيه مابين الممتاز والرديئة وأيضا وتختلف أعمارها مابين القديم المتهدم والحديث. ويرى المنهدس التركي ان تطوير مثل تلك المشاريع الحية يقتضي وجود رؤية وإستراتيجية واضحة وعامة للمشروع يضعها المصمم بالإضافة للرسالة التي يريد ان يوصلها ومن ثم وضع الأهداف الرئيسة التي تؤدي بطبيعة الحال الى سياسات تصميمية وبعد ذلك الى بدائل تصميمية تنعكس على تطوير المشروع. ويواصل التركي موضحاً ان الهدف من فكرته تطوير حي السمحان كأنمودج لعمران الواحات الذي كانت عليه مدينة الدرعية التاريخية في اوج تطورها وذلك بتكوين بيئة عمرانية تقليدية مثالية مع مراعاة النسيج العمراني المترابط للمنطقة والمحافظة على طابع التراثي النجدي في المباني المقترحة والموجودة ومراعاة حركة المشاة وتوفير مناطق ترفيهية وسياحة وثقافية وعامة وتجارية حتى يكون حي سمحان مقصد الزوار والسياح من داخل المملكة وخارجها. ويوجز التركي تعريف مشروعه بأنه يتناول تطوير وإعادة تأهيل حي سمحان التاريخي وجعله مقصدا مهم لما يحويه من مبان تراثية ذات الموروث الثقافي والتاريخي الكبير الذي يحظى باهتمام الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والهيئة العامة للسياحة والآثار بالدرعية حتى تكون مهيأة للزوار والسياح واضاف: قد جرى في بداية المشروع مسح شامل بحي السمحان والتعرف الميداني على الموقع وجمع المعلومات المهمة للحي من أنواع استعمالات الأراضي وارتفاعات المباني ودراسة حالات المباني والخدمات العامة الموجودة ودراسة انواع الفراغات ودراسات الطرق والمداخل والمخارج الرئيسية حيث شارك فيه طلاب الشعبة وبعد ذلك قام كل طالب بوضع الرؤية العامة بالموقع والأهداف التي يراها ومن ثم السياسات والبدائل التصميمية ثم قام كل طالب جزء يدرسه ويطوره بشكل تفصيلي وقد تم اختيار الجزء التراثي حيث كانت الرؤية العامة للمشروع هي (سمحان... أسلوب الحياة الجميلة). رسم توضيحي للمشروع وعن العمق الفكري للمشروع وتأثيره العمراني والمجتمعي ومدى استلهام التراث العمراني فيه يشير المهندس ناصر الى انه يتمثل في إيجاد أسلوب من الحياة الهادئة والآمنة للسكان والزوار وذلك بتوفير بيئة الواحة التي تتمثل البيئة الأصلية لمدينة الدرعية موضحا ان للمشروع ثأثيرا عمرانيا ومجتمعيا من خلال استغلال الساحات الحالية والمقترحة وتهيئة الممرات للمشاة وتكوين نقاط جذب ترتبط بالأسواق التجارية والناطق الترفيهية التي تخدم الدرعية ومن يفد إليها. ويتحدد استلهام التراث العمراني (كآلية إنسانية تجميلية عمرانية اجتماعيه حياتيه سياحية اقتصادية) في بيئة النسيج العمراني التقليدي والمحافظة عليه قدر الإمكان وأيضا ترميم البيوت التراثية القديم وإزالة البيوت الحالية السيئة والآيلة للسقوط واعادة بنائها على الصفة التراثية التي كانت عليها مع توفير أساليب الحياة الحدية من كهرباء, ماء, صرف..الخ. كما تم تحديد البيوت التي ذات النمط الحديث والتي لا تتناسب وتراث المنطقة لطي يتم إعادة تصميم واجهاتها حتى تتناسب مع طابع العمراني التقليدي. وتكوين واحات صغيرة في داخل الحي يتم زراعتها بالتخيل والمزروعات التقليدية حتى يعيش الساكن والزائر والسائح على حد سواء الحياة القديمة الرائعة في الدرعية بجميع تفاصيلها من الزراعة والسقاية وقطف الثمار مما يولد التواصل والارتباط الجتماعي المتعارف عليه والنادر الوجود والمفتقد في حياتنا المعاصرة.