أصبح الهاتف الجوال ملازماً للجميع من دون استثناء.. الرجال منهم والنساء، الصغار والكبار، وبالتأكيد طلبة المدارس - كجزء من شرائح المجتمع - من حقهم أن يستفيدوا من هذه الخدمة، لكن السؤال هو عن تقنين هذه الخدمة، وتوظيف استخدامها بشكل حضاري ومفيد، وبشكل لا يصل إلى مرحلة العبثية، والتجاوز المسلكي. بعض الطلبة يحضرون "تليفوناتهم" الجوالة معهم إلى المدرسة، وبعض منهم - وإن كانوا قلة - يحتفظون في ذاكرة تليفوناتهم ببعض الصور أو مقاطع الفيديو التي تكون خادشة للحياء، وخارجة عن السلوك السوي العاقل والمتزن، بل ويتبادلونها عبر هواتفهم، وهذا سلوك "بذيء" وخارج عن حدود التربية الصحيحة، والتنشئة الجيدة، غير أن التعامل من المدرسة تجاه هذا السلوك وأصحابه، هو المشكلة التي تحتاج إلى نقاش علمي سليم. إن أسلوب التهديد والوعيد والعقاب والصراخ لم يعد مجدياً في كثير من الأحوال، سيما ونحن نتعايش مع جيل عنيد ورافض، يحاول الاستقلال بذاته وقراراته وتصرفاته عن أي وصاية اجتماعية، أو سلطة أسرية أو مؤسساتية، وربما يكون التأثير بالتوجيه والحوار والفهم وتبادل الرأي أجدى بكثير من الأسلوب "السلطوي"، ويكون التجاوب عن طريق الإقناع، وإشعار الطالب بأهمية قراره ورأيه أكثر إيجابية من فرض السلطة والهيمنة والتبعية، فقد جربنا العقاب في قضايا كثيرة كالتدخين والمخدرات، ولم نحقق نجاحاً كبيراً، لكن عندما استخدمنا أسلوب التوعية والحوار والتفاهم نجحنا كثيراً، وحجّمنا الخسائر المسلكية. مقاطع وتصوير يقول "عبدالرحمن الشهري" مرشد طلابي: إن الجوال من التقنيات الحديثة التي يَعم نفعها على المجتمع، ولكن هناك من لا يُحسن استخدامها، وخصوصاً من قبل بعض الطلاب، حيث يحضرونه إلى المدرسة، وقد احتوى في داخله على مقاطع مخلة بالآداب، أو استخدامه من قبلهم في التصوير سواء للزملاء المعلمين أو الطلاب، مؤكداً أن وزارة التربية والتعليم وضعت قواعد لتنظيم السلوك داخل المدرسة، وإحضار الطالب للجوال يعد من مخالفات الدرجة الثالثة، وللمدرسة الحق في تنفيذ الإجراءات حسب ما تراه مناسباً للمخالفة التي حصلت من الطالب. عدم وعي الطالب ويرى "ماجد الشهري" معلم، أن من قواعد الشريعة الإسلامية السمحة سد الذرائع، فالهاتف المحمول ليس محرماً استخدامه أو اقتناؤه، لكن الطالب في هذه السن لا يعي بعض الأمور التي قد يفعلها، إلى جانب اعتقاده أن بعض تصرفاته تُعد من مكملات الرجولة، وقد تكون محرمة أو مخلة بالآداب العامة التي تربينا عليها وأمرنا بها شرعنا الكريم، لذا حرصت وزارة التربية والتعليم في مراحل الدراسة الأساسية، على منع دخول الهاتف المحمول مع الطلاب إلى المدرسة، الذي يتوافق مع المحافظة على صلاح أبنائنا في المجتمع. تدني المستوى التعليمي ويؤكد الأستاذ "محمد البهيشي" أن لديه خبرة في مجال تفتيش الطلاب، مضيفاً: "لا أرى ضرورة لوجود الجوال مع الطالب لعدة أسباب، منها أن معظم الطلاب الذين يتم اكتشاف جوالات معهم داخل محيط المدرسة، هم من الطلاب الذين لديهم تدن في مستواهم التعليمي، ويكون لديهم سلوكيات خاطئة، ونادراً ما يكون مع طالب مجتهد وذي خلق حسن؛ لأنه يفهم ما يملى عليه من قبل الإدارة ويعرف النظام والعقوبات، مبيناً أن الفئة التي تُحضر الجوال للمدارس ومن خلال خبرته في التفتيش المفاجئ، تحتوي جوالاتهم على مقاطع وصور لا تليق بطالب علم، بل ومخالفة للشرع والعادات والتقاليد، كما أن بعضا من هؤلاء الطلاب يُصَور أثناء الحصة وأثناء الدوام سواء كان للمعلمين أو الطلاب، مشيراً إلى أن مدارس المملكة تحتوي على هاتف خاص بها، فإذا أراد الطالب أن يتصل بمنزله فله الحق في الاتصال، وبالتالي ينتفي الإدعاء بضرورة الجوال مع الطالب. دور الأسرة مفقود وتقول "أم محمد" معلمة: إنه تم اكتشاف وجود جوالات مع بعض الطالبات، عن طريق التفتيش المفاجئ، مضيفة أنه تم العثور على جوال مزود بكاميرا مع طالبة في الصف الثاني ثانوي أثناء الحصة، ووجد ضمن قائمة الأسماء المخزنة أسماء مريبة مثل "صاحب الجمس"، "خوي منى"، "السوق"، ذاكرة أنه تم استدعاء والدتها فنفت التهم الموجهة لابنتها، وطالبت بإرجاع جوال البنت إليها، حتى لا يتسبب ذلك في حالة نفسية للبنت، لافتة أن هذه الحادثة تدل على انعدام الدور التربوي في الأسرة، وعدم متابعة ونصح أبنائهم، مطالبة بعدم السماح بوجود الهواتف المتنقلة مع الطلبة والطالبات، مع تشديد العقوبات في هذا الجانب. السلوك والمواظبة ويوضح "حسن بن صليم" مرشد طلابي، أنه يوجد في لائحة السلوك والمواظبة فقرة تمنع إدخال وسائل الاتصال إلى المدرسة، إلى جانب أنه يحق للإدارة أن تتخذ عددا من الإجراءات ضد من يخالف اللائحة، مضيفاً أنه يسحب الجوال من الطالب، مع استدعاء ولي أمره وتسليمه الجهاز، وإتلاف الذاكرة إذا كان بها مقاطع مخلة، مشيراً إلى أنه عندما نقوم بالتفتيش على الطلاب فغالباً ما نجدها تحتوي على بعض المقاطع من أغان وصور فنانات، وأحياناً نجد بعض المقاطع المخلة!.