برز إلى الأضواء خلال العشر سنوات الماضية المصطلح الجديد "تقنية النانو" الذي ألقى بثقله على العالم وأصبح محط اهتمام الجميع. فهذه التقنية الواعدة تبشر بقفزة هائلة في جميع فروع العلوم والهندسة، ويرى الباحثون أنها ستلقي بظلالها على كافة مجالات الطب الحديث ومعالجة قضايا المياه والبيئة والطاقة والتي ستساهم بشكل رئيس في بناء الاقتصاد المعرفي. وكذلك بناء العلاقات الدولية وحتى على مستوى الحياة اليومية للفرد العادي فهي وبكل بساطة ستمكن الإنسان من صنع أي شيء يتخيله من خلال صف جزيئات المادة إلى جانب بعضها البعض وبأقل كلفة ممكنة. وتتوقع الدراسات البحثية الحديثة طفرة نمو كبيرة في مجال تقنية النانو خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث يتوقع أن يبلغ سوق المنتجات التي تعتمد على تقنية النانو 3.1 تريليونات دولار بحلول عام 2015م، والذي يمثل ارتفاعا من 147 مليار دولار في عام 2007م، وفقا لتقرير ودراسة استقصائية صدرت مؤخرا عن شركة لوكس للبحوث الاستشارية للتقنية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وكبار الشركات العاملة في تقنية النانو. فقد حققت تقنية النانو أكبر نمو في قطاع المواد والصناعات التحويلية خلال عام 2007م، فتستخدم تقنية النانو في المرتبة الأولى في منتجات الطلاء والمواد المركبة المستخدمة في صناعة السيارات وإنشاء المباني حيث بلغت قيمة الإيرادات في هذا المجال 97 مليار دولار. يتبع ذلك الإلكترونيات بنحو 35 مليار دولار من خلال استخدام تقنية النانو لتطوير صناعة الشاشات الالكترونية والبطاريات. ويأتي في المرتبة الثالثة الصناعات في مجالات الرعاية الصحية وفي مقدمتها التطبيقات الصيدلانية بقيمة 15 مليار دولار. ومن المتوقع أن يبقى قطاع المواد والصناعات التحويلية يشكل أعلى مجال في تطبيقات تقنية النانو في حلول عام 2015م، وبمعدل نمو 45 ٪ ليصل إلى 1.08 تريليون دولار. أما قطاع الالكترونيات فمن المتوقع أن ينمو بمعدل 51٪ سنويا ليصل إلى 940 مليار دولار خلال عام 2015م. في حين الرعاية الصحية وعلوم الحياة سوف تنمو بمعدل 46٪ سنويا لتصل إلى 31 مليار دولار. وتحتل الولاياتالمتحدةالأمريكية المرتبة الأولى على المستوى العالمي من حيث استخدامات تقنية النانو فقد بلغ الناتج الأمريكي من الصناعات القائمة على تقنية النانو خلال عام 2007م 59 مليار دولار. ثم تليها دول الاتحاد الأوروبي بقيمة 47 مليار دولار، ودول آسيا والمحيط الهادئ بقيمة 31 مليار دولار، وتمثل بقية دول العالم 9.4 مليارات دولار. ومع ذلك، فان من المتوقع أن تُنافس دول أوروبا الولاياتالمتحدةالأمريكية من حيث الإيرادات في مجالات تقنية النانو لتصل 1.09 تريليون دولار بحلول عام 2015م، مقارنة مع 1.08 تريليون دولار في الولاياتالمتحدة خلال الفترة نفسها. أما أمم آسيا فسوف تبقى في المركز الثالث وبقيمة إيرادات تبلغ 717 مليار دولار. انسجاما مع المسار العالمي في التحول نحو الاستثمار في مجالات تقنية النانو وتحقيقاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في مجال تقنية النانو في الجامعات السعودية، صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على إنشاء مبنى معهد الملك عبدالله لتقنية النانو في وادي الرياض للتقنية بجامعة الملك سعود بما يتفق مع أفضل التجارب العالمية لهذه التقنية بتبرع من رجل الأعمال محمد بن حسين العمودي. في ضوء ذلك سيتم بمشيئة الله تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وضع حجر الأساس لمبنى المعهد والذي سيحضره نيابة عن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس الاستخبارات العامة، يوم الأحد 2 ذو القعدة 1431ه. فالمبنى سيضم أحدث المختبرات والتجهيزات بمواصفات ومعايير عالمية لإعداد وتأهيل الخبرات المحلية وبناء البنية التحتية للبحث والتطوير في هذا المجال، ونشر الوعي العلمي بعلوم وتقنيات النانو على المستويين الاجتماعي والتربوي. وتأتي هذه المبادرة الحكيمة استكمالا لمعهد الملك عبدالله لتقنية النانو الذي انشئ داخل حرم الجامعة بتاريخ 26/3/1428ه والذي تولى المجالات البحثية والتطويرية والتطبيقية في تصنيع مواد النانو في المجالات الحيوية مثل؛ الطاقة ومعالجة المياه والاتصالات والطب والصيدلة والغذاء والبيئة. * مدير جامعة الملك سعود