أحسنت بعض قيادات العرب والمسلمين الأمريكيين في التحرك المبكر مع الأجهزة الأمنية الأمريكية لحماية المسلمين الأمريكيين من أي تحرك عنصري ضدهم وذلك لتزامن عيد الفطر لهذا العام مع ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر . المصيبة أن هناك من بين المتعصبين المسلمين ومحدودي الفكر خارج الولاياتالمتحدة من يرفع شعار إنها مناسبة " عيدين في عيد "، كأن أمر أمن وسلامة إخوانه المسلمين في أمريكا لا يعنيه وكأن مقتل أبرياء في أحداث الحادي عشر من سبتمبر مقبولة من المسلمين، والكل يعرف أن المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه وهو ما لم يفعله هؤلاء بتحويل تلك الأفكار إلى مادة إعلامية تؤجج العداء ضد إخوانهم. المشكلة الأخرى تأتي من التعليقات على مثل هذا الخبر من حيث التهكم الساخر من احتمال قيام البعض من مشايخ مسلمي أمريكا بتحويل رمضان لهذا العام إلى عشرين يوما لتلافي أي توافق بين عيد الفطر وأحداث الحادي عشر من سبتمبر. مثل هذه العقليات التي وجدت ضالتها على ساحة الإعلام الاليكتروني غير المنضبط يجب أن تدرك حجم الضرر الذي لحق بالمسلمين منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى الآن ومن دفع الثمن غاليا ؟ انتهى عصر الشعارات الزائفة والتعليقات المؤدية إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين ، فنحن الآن ندخل مرحلة إسلامية جديدة تبرز الوجه الحقيقي للإسلام ، هذا الوجه المتسامح الذي افتقدناه لفترة بسبب اختطافه من قبل من لم يحسن عواقب الأمور في العديد من مناطق المسلمين . الإسلام الحقيقي دوما ينتصر بالتسامح وباللين وبالعطف والعطاء ، فهي سيرة سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام وهي سيرة السلف الصالح من بعده. فلماذا تكون القدوة الآن تختزل في شخصية متطرفة على نقيض ديننا وسيرة نبينا ؟ ولعل من لا يريد الأخذ بطبيعة التسامح الإسلامي أن لا يتجاهل حقوق ملايين المسلمين في الولاياتالمتحدة وحقهم في البحث عن سبل حماية أرواحهم وممتلكاتهم من جهلة التطرف عندهم بسبب جهلة التطرف عندنا. فالتعصب والتطرف ليسا سمة إسلامية فقط وإنما هناك من التعصب في الولاياتالمتحدة ما يكفي لإيذاء بعض المسلمين وغيرهم . لكن واجب العقلاء هنا وهناك هو السعي المبكر لحماية الأرواح لكل المسالمين لأنفسهم وللناس . فلو أخذنا تعصب كنيسة في فلوريدا دعت إلى تجمع لحرق القرآن فما هي النتيجة المتوقعة من هذه الحماقة الا حماقة تلد أخرى. فحماقة قس متعصب ستقود إلى عنف وتعصب لا تختلف عن دوامة الثأر التي لم تشفِ غليلا في يوم من الأيام . أعود وأحيي جهود العرب والمسلمين في الولاياتالمتحدة في التفكير المبكر في هذا التزامن الذي سيكون وسيلة لتأجيج الحقد وربما يكون مفتاح تحاور مبكر لفك أي ارتباط أو تزامن بين أعياد المسلمين ومناسباتهم الدينية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر مستقبلا، تلك الأحداث التي بدأت هي الأخرى تأخذ طابع " التوظيف الهولوكوستي " من اجل تمرير المواقف والسياسات وغيرهما . دور المسلمين داخل وخارج الولاياتالمتحدة لابد أن يأخذ طابع التكامل إن أردنا لصوت العقل والحق أن يعلو ولا يُعلى عليه ، وبذلك يكون التحرك الإسلامي مشتركا من داخل وخارج الولاياتالمتحدة . فعلى سبيل المثال يجب استثمار دعوات الإفطار الرمضانية لسفراء الولاياتالمتحدة في عالمنا الإسلامي من اجل التفاهم وتمرير رسائل التخوف من أحقاد التأجيج الإعلامي لهذا التزامن وكذلك استثمار اللقاء بين الرئيس الأمريكي والجالية الإسلامية والعربية الأمريكية وتهنئته للمسلمين الأمريكيين بالعيد . وكذلك العمل المبكر مع الإعلاميين الأمريكيين المحايدين وهم كثر في إبراز أهمية التعامل المتعقل مع مثل هذه القضايا ومرددوها الأمني والإنساني على المواطن الأمريكي . والمتابع للنقاش الدائر حاليا في الولاياتالمتحدة حول بناء مسجد في منطقة مانهاتن بنيويورك بالقرب من" النقطة صفر" كما تسمى أحيانا لموقع انفجار الحادي عشر من سبتمبر يدرك حجم التفهم والتسامح والتعصب أيضا والجهل في الإعلام الأمريكي ، ولكن هذا الإعلام يظل في الوقت نفسه ساحة مفتوحة للنقاش لمن يعرف كيف يبني رسالته مبكرا ويغلفها لغويا بغلاف يجذب الجمهور والمحرر للتعامل معها ، وقبل هذا وذاك العمل الإسلامي الموحد لتعزيز جهود المنظمات العربية والإسلامية في أمريكا مثل "امباك" و"كير" وغيرهما من جمعيات مناهضة التمييز العنصري العربية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى المناهضة للتمييز العنصري وبناء مجتمع التسامح .