عبد الكريم المكادي شخصية روائية شعبية حائلية امتد عمره حتى المائة سنة رحمه الله تعالى من أشهر رواة حاضرة مدينة حائل وهبه الله عز وجل الحافظة التي كل ما تسمعه تحتفظ به من الشعر والقصص والروايات الشعبية وعندما استقر الشاعر الحماسي والشهير محمد العوني بمدينة حائل لازم المكادي عبد الكريم العوني وأصبح ظل العوني الذي لا يفارقه إلا في حالة النوم فكان المكادي راوية العوني الذي يحفظ جميع اشعاره وقصائده كلها أو معظمها فالمكادي رحمه الله تعالى نسخة أصلية لشعر العوني وصار بهذا مرجعاً ومصدراً لشعر العوني وحكاياته ومواقفه وأيامه وحياته وبالذات شعره الذي قاله في مدينة حائل فهو رائد فيه ومسابق للرواة الذين حفظوا شعر العوني من أهالي حائل وغيرهم ويذكر عن العوني إذا سأله أحدهم عن قصيدة له قال أسالوا المكادي وهذه شهادة من العوني بأنه محل ثقة ومصدرية ومؤتمن في رواية لشعره والا لماذا يحيل إليه؟ ولكن هل دونت مرويات المكادي عن العوني؟ محمد القويعي ذكر لي الأستاذ سعيد بن مبارك الماجد وهو من أهالي حائل رحمه الله ومن مواليد الأحساء قائلاً: إن أحد الوجهاء استضاف عبد الكريم المكادي في منزله عدة أيام أو ما يقارب ثلاثين يوماً وكلف أحد الكتاب بأن يكتب كل ما يقوله المكادي سواء من شعر وتراث العوني أم من شعر غيره. ولا نعلم ما هو مصير هذه المخطوطات؟ الشعرية الشعبية التي هي برواية المكادي رحمه الله واعتقد أن فيها روايات نادرة وادباً غزيراً وتراثاً شعبياً عريقاً احتفظت به ذاكرة المكادي سنين عدة فمتى يأتي هذا اليوم التي يستفيد الباحثون من هذه المخطوطة الشعرية؟ ويضيف الاستاذ الماجد رحمه الله تعالى أن المكادي ليس فقط راوية العوني بل يحفظ ادب وتراث القبائل شمال المملكة ومدينة حائل والقصة المعروفة التي حكاها لي الماجد أن شخصاً من شيوخ القبائل كان في قصر الضيافة بالرياض وكان يسمع بالمكادي ولم يره في حياته وكلما سأل عن قصيدة قالوا له يحفظها المكادي فطلب من أصدقائه أن يأتي به إلى محل إقامته والمكادي لم يرزقه الله عز وجل بسطة في الجسم بل هو خلاف ذلك فدخل على هذا الوجيه وسلم وجلس ولم يحتف به هذا الشيخ وكان بجواره المذياع يستمع إليه وظل المكادي صامتاً وبعد برهة من الزمن سأل هذا الوجيه من أنت؟ فقال أنا المكادي فأقفل هذا الوجيه المذياع بسرعة وبدأ يسأل المكادي، والمكادي يبحر في علم الشعر والقصص الشعبية والعبرة بالجوهر وليست بالمظهر ولقد تصور هذا الوجيه أنه سيدخل عليه رجل عملاق ضخم من كثرة ما يسمع عنه رحمهم الله المكادي وغفر الله له وعفا عنه وأقول تسمع بالمكادي وتجب أن تراه لتأخذ عنه وتكون جليسه ومن الذين استفادوا من عبد الكريم المكادي الأديب والراوية البطل والشهم فهد المارك -رحمه الله تعالى-. فهد المارك أخبرني الصديق محمد بن فهد المارك قائلاً: كان أبي فهد يتردد على منزل المكادي بالرياض ليأخذ عنه عندما كان يعد كتابه عن العوني بعنوان "تاريخ جيل في حياة رجل" وكلاهما من حائل فالمارك عاشق لشخصية العوني والمكادي صديق العوني وظله الذي لا يفارقه ويبدو أن المكادي رحمه الله تعالى لا يبخل على سائليه وطلاب المعرفة في التراث النجدي الشعبي وحتى الكتابة عنه والتسجيل من رواياته فهو كريم من هذه الناحية وإذا تكلم افاض ذات اليمين وذات الشمال وشرق وغرب فقلما يأتي بقصة إلا ومعها قصيدة فالمكادي شخصية قد لا تتكرر فهو نادرة من نوادر القرن الرابع عشر الهجري فهو ذاكرة الأدب الشعبي في حائل وشمال المملكة ولو هيئت له وسائل الإعلام المعاصرة من إذاعة وصحف لاشتهر أكثر ليس على مستوى المملكة بل على مستوى منطقة الخليج العربي مع أنه أدرك الإذاعة والصحافة وما أدري لماذا لم تجر معه صحفنا المحلية لقاءات وحورات قبل ان يرحل عن هذه الأولى؟ ومع رحيله عن هذه الدينا فهو شخصية لم يرحل في ذاكرة الأدباء والشعراء الأوفياء الذين استمعوا إليه وأخذوا عنه ونهلوا من بحار روايته وعلمه الغزيرالتراثي المتدفق وهو قد عاش في العاصمة الرياض واشتهر فيها وكان يسكن في حي جبرة الحي العتيق كما أخبرني الأستاذ محمد المارك والأستاذ الراوية محمد القويعي ولا استطيع أن احدد تاريخ وفاته ولعل أحد الباحثين أو أحد أقربائه يزودنا بتاريخ وفاته ومعلومات أكثر مما عرضت فما أعرف عنه إلا القليل الذي ذكرت وسألت الراوية رضيمان الشمري هل رأيته؟ فقال نعم رأيته وزرت منزله واسمعته قصيدة العزى في معركة الصريف وتمنى المكادي أن لو كان يستطيع الآن حفظها لأنه قد كبرت سنه ولا يستطيع حفظها. وقد أورد الأستاذ الأديب سعد بن محمد بن نفيسة ت -1399 رحمه الله تعالى في كتابه إضمامة من التراث أنه استفاد من الراوية عبد الكريم المكادي وأنه لم يحصل إلا على القليل من رواياته بسبب تقدم سن المكادي رحمه الله . رحل المكادي بجسمه ولم يرحل عنا فهو في ذاكرة أصدقائه الأوفياء إن كان بقي منهم أحد الآن وأقل الوفاء للأصدقاء بعد مماتهم سؤال الله لهم الرحمة والغفران عند ذكرهم وعند ساعات الإجابة. رضيعان الشمري