كأنّ حياة العصر تقول لنا ، أو بالأحرى تلوي أذرعتنا ، لتحلية كل إعلاناتنا ومفردات تسويقنا بكلمات أجنبية .. بدروم ، كوفي شوب ، في آي بى . وكأن الإعلان لم يعد يروق للقارئ إلا بوجود مفردة أجنبية ، رغم توافر بديل عربي أقرب إلى ذهن الزبون المحتمل . لا أرى في هذا النهج بأسا إذا كان الأمر يتعلّق ببحث أو مقالة أو مرجع ، يأتي بغرض سهولة الرجوع إليه . لكن الأمر يُصبح غير مقبول إذا جاء في عرض إعلان عن " سكن فيه بدروم " . مسألة " كوفي شوب " بمعنى مقهى مقبولة بعض الشيء . لأنها وردتنا من ثقافة الغرب ومن كثرة ما يرددها من درسوا أو عاشوا في أوربا وأمريكا . مع أن كوفي أصلها "القهوة" . وكذا تعبير ( في . آي . بى ) - VIP - والتي تعني شخصية مهمّة ، تصلح لتمرير حديث ، لكن قبولها كإعلان عن فيلا أو شقة ، متعذّر وغير مستساغ . لكن مفردة " بدروم " والتي يراد بها القبو لا تعني بالأجنبية إلا غرفة النوم . والإنجليز يسمونها ( بيسمنت ) Basement) ) ويظهر الإعلان وكأنه تعمية لا جذب ودعاية . وقد حاولت العثور على أصل سبب استعمالنا للكلمة بكثرة ، وبمبالغة ، فلم أجد في المراجع ومعاجم المشتقات الأجنبية ما يدل على أنها تعني القبو . وقد سمعت في بعض الأعمال الأدبية المصرية مفردة " بدرون " وتعني القبو لكنني لن أُوفق في الوصول إلى سبب تسمية أهل مصر القبو بال " بدرون " . سيأتي إليّ تعليق أو تعليقان يُعبّران عن عدم أهمية موضوع كهذا ، وأنه لا يستحق الزاوية لكن غيرتي على لغة القرآن والعرب تجعلني أطلب من المعلنين وكذا الصحف عدم إدراج إعلان يتلاعب باللغة ، إلا في حدود الإفصاح عن ما يصعب فهمه . ولعل اللغة العربية أكثر اللغات تربّعا على اللغات الأخرى . فأخذت منها الفارسية الكثير ، وكذلك الأردية والتركية إضافة إلى الأسبانية والبرتغالية والإفريقية والهندية والمجرّية . وما استطاع المعجميون جمعه حتى الآن من مفردات أعارتها اللغة العربية إلى لغات أخرى هو أقل بكثير من المفردات التي استعارتها من لغات.أخرى . وما أظن استعمال مفردات أجنبية في إعلاناتنا المحلية إلا من أجل مايعتقد البعض أنه جذب للسّذّج وللنخبة في آن واحد . كذلك فقد وجدنا بعض المديرين والتنفيذيين يستخدمون الانجليزية ومصطلحاتها في تأشيراتهم على الأوراق مثل (OK) وكان يمكن استبدالها بكلمة عربية . وهذا – عندي - يكشف عن ضعف المدير في مهنية الإحالة ، أو لأن لغة القويّ – في اعتقاده – أكثر جذبا ولها تأثير أكبر ، وأمنع . أفهم عدم مجاراتنا لسرعة التقنية والمخترعات الحديثة في تعريب أجزائها . لكن كلمة مثل " القبو " موجودة في بيئتنا من زمن قديم فلماذا نصر على مفردة " بدروم "؟ وأجدنا استعذبنا كلمة " المرآب " بدلا من " الكراج " وصرنا نستعملها بسهولة وتعوّدنا عليها ، وهي الاسم العربي الصحيح للكراج .