لا تسمح الحياة أحياناً لمحبيها ببناء مساحة من العيش الآمن داخلها، ولا تمنحهم حق تحقيق طموحاتهم المشروعة. يجاهد الباحث عن الحياة دائماً من أجل الحصول على دور يتيح له التواصل معها. دور واحد فقط يتحرك من خلاله في أجواء إيجابية. دور واحد فقط لا يفترض أن يخلو من الشروط، ولكن على الأقل الشروط التي بإمكانه التعامل معها، ومناقشتها. دور واحد فقط يمكّنه من فتح باب أحلامه التي تعب من احتضانها، ومن التدثر بها طويلاً. يريد أن تتحول هذه الأحلام إلى حقائق على أرض الواقع، بعد أن تعبر درب الأمنيات، ومنه إلى طريق التحقق. دور واحد فقط هو المساحة المطلوبة للعيش الآمن. لكن هل هناك من بإمكانه أن يمنحك هذا الدور؟ أم أنه يترتب عليك أن تقاتل لتحصل عليه؟ وما هي المسارات التي ستسلكها من أجل الحصول على هذا الدور؟ هل لك أن تكسر جمودك وتتمرد عليه لتلامسه؟ هل عليك أن تفنّد التفاصيل الدقيقة لتصل إليه؟ هل تواصل مسلسل الإقناع الذي فشلت فيه، واعتقدت دائماً أنك لا علاقة لك بحلقاته؟ هل تفتح صفحات غير قابلة للتقليد لتتحرك من خلالها؟ هل عليك الدخول إلى دائرة الحوارات غير المجدية لتكسر مفردات مقاومته؟ كثيرة هي الأسئلة! وقليلة هي الإيجابات! كثيرة هي مفردات الحياة اليومية، وحافلة بالحياة، والخطوات المرتبكة والمفتعلة، والهامسة، لكنها في الوقت نفسه عصيّة على الأخذ بها. وأنت تواصل رحلة البحث عن هذا الدور، والمقاربة بين لحظة الإمساك به وممارسته، تشتعل في داخلك قناديل تلك الأجوبة التي ظلت معلقة لأزمنة. تلك الأجوبة التي تمنح من لا يستحق ذلك الدور. وتفتح له كل أبواب الحياة، مهما كانت خطواته مرتبكة. ومهما كانت إمكاناته محدودة. ومهما كانت سيرته عاصفة. هو دوره فقط، فُصِّل من أجله. طرق بابه ليستأذنه في أن يقبل به. لم يكن يعرف اسمه، ولم يتحرك للبحث عنه، أو يمارس فعل الركض خلف ذلك الدور المزعوم. ولم يكن يمتلك الجرأة الكافية ليشبع خطواته. والسبب ببساطة أنه ليس دوره، ولا يبحث عنه، ولا يملك ما يقدمه من خلاله، لكن طالما تبادل معه لحظات الحضور، وامتد أمامه في حياء، عليه أن ينهض متثاقلاً للقبول به. وأن لا يلتفت لمن أدمن الوقوف انتظارا لذلك الدور طالما بحث عن الارتواء لديه. فالدور لديه حرية الاختيار، وحرية القرار، وكتابة نفسه من خلال ذلك الشخص الذي اختاره، وليس من ركض خلفه.