زواج القاصرات ربما سبق موضوع ما أثير عن زواج المسيار، والمسفار، أو بنية الطلاق والموضوع بجانبه الاجتماعي، معقد ومثير للاهتمام لأنه يتعلق في بناء أسرة تتكافأ في مختلف أمور الحياة، وبالتالي عندما يتم عقد زواج على قاصرة لا تعي المعنى والمضمون ثم تكبر وتصدم بواقع لم تختره، يحدث الاشكال، وتبدأ معرفة تكافؤ السن والأسرة والمواليد، والحقوق، وتفاوت التعليم والثقافة يبرز بشكل قد يفشل مثل هذه الزيجات.. الجانب الشرعي، في هذه القضية يترك للاختصاصيين من العلماء والقضاة وغيرهما، لكن لا يمنع أن تكون وجهات النظر في مثل هذه القضية متعددة، خاصة إذا كانت المصلحة العامة هدفاً للجميع، ولعل الزيجات التي خلقت البلبلة طابعها في الغالب، منفعة شخصية لأي من الأبوين، وغالباً ما تأتي المعارضة من الأم، ومع ذلك تصبح للأب قوة الفعل، ولعل المشكلة في تفاوت الأعمار سبب مباشر إذ إن عقد الزواج على بنت التسع أو العشر سنوات، على من تعدى عقده الخامس يعني أن الأربعين عاماً بينهما مسافة طويلة، وقد يكون الزوج ينتمي لتقاليد وثقافة جيل بعيد عن حياة الطرف الآخر أي الزوجة، وحتى في حالة الانجاب على افتراض أن المولود الأول جاء في سن الستين للزوج، فإنه يدخل مرحلة التقاعد بمعنى أن الأبناء سوف يشكلون العبء التربوي على الأم حتى لو توفرت إمكانات مادية معقولة كراتب تقاعدي أو رصيد مادي آخر.. أما الحال النفسية لشابة صغيرة في مراحل العقود الأولى من عمرها تعيش وسط بيئة اجتماعية متناغمة مع زميلاتها ومحيطها ثم تواجه زوجاً بعمر أبيها سوف تسوء وكذلك تتعرض لحملة حادة من قريباتها وكل من له علاقة بها، ومسببات هذه الحملة قد تنعكس سلباً ليس فقط على حياتها الخاصة، وإنما على أبنائها، وتحميل عبء الزواج غير المتكافئ على الأهل، وقد ينتج عن هذه الحالة تعقيدات نفسية تعاكس الحياة الطبيعية لإنسانة بنت آمالها وأحلامها على جملة غايات بما فيها تناسب السن الذي هو مضمون الاستقرار العائلي.. قد تكون حالات قديمة نجحت عندما كانت الأسر مركبة والأمية سائدة وكان الزواج تقليدياً متفقة عليه كل الأسر بأنه جسر العلاقات العامة ودون أي اعتبار لفوارق العمر، إلا أن الزمن والظروف تغيرا سواء بمطالب الحياة، أو فوارق التعليم وحق الاختيار على اعتبار أن الزواج ليس صفقة بيد أطراف لا تأخذ بدور الفتاة أو حتى الشاب اللذين هما أصحاب القضية لتتم العقود وتمريرها من قبل الأهل فقط، وهذا ما أحدث الكثير من الطلاقات أو الهجران، أو حتى إضافة زيجة أخرى، ولعل تحليلاً لمجتمعنا وفهم طبيعة الحراك العام، وكم نسب الفشل والنجاح في الزيجات، وما انعكاساتها على النشء، وهل الحياة الزوجية التي يتم فيها الاختيار والتراضي أكثر نجاحاً من العقود التي تتم فقط بين الوالدين؟.. أسئلة طويلة تحتاج إلى مواجهة شجاعة وموضوعية لأن الفائدة البعيدة بناء مجتمع متكافئ، وليس متنافراً ونحن نخطوا داخل بيئة عالمية متمازجة ومتداخلة في مؤثراتها وغاياتها، حتى إن ما قيل عن المواطن العالمي الذي يتعامل مع وسائل التقنية الحديثة حقيقي طالما زالت الأبعاد وتمازجت الشعوب بما يشبه بالحلقات المترابطة..