* فهد بن سعيد (1360-1424ه) - رحمه الله- وقبل اعتزاله، يعتبر من أهم الأسماء في تاريخ الأغنية الكلاسيكية السعودية.. امتد تاريخه سنوات كثيرة منّذ ان دخل الفن عن طريق عبدالله السلوم وسليمان بن حاذور عام (1959م)، حياته وطفولته استثنائية، لكنها صنعت منه فنا رائداً مارس نغم الحرمان والوحدة في معظم أغانيه حتى أصبح ماهرا في عزف العّود وقدم فكر واختراع في العزف وفي صناعة التوليف الجزئي لأوتار العود. تستمر حياته الفنية وتجوله في وطن الخليج،عاد بعد سنوات فكان العود أحمد فهد بن سعيد المعتزل عن الفن قبل وفاته بسنوات (رحمه الله)، ألهم القلوب بسحر أغانيه ومخزونه التراثي العميق، ان الابحار في مسيرة ابن سعيد تحتاج حلقات للبحث عن خفايا حياته والتدقيق عن فيما قدمه من إبداع كلاسيكي نال منه حب الجماهير، خلال متابعتي لبعض الأشرطة التي تركها تتحدث عن حياته وبداياته-كونت شخصيته طيبته ذكر اسم الله الدائم في كل شيء قبل اعتزاله، سجلت بشكل عفوي وغير واضح إلا ان الشاعر فياض منصور وبخبرته عبر الأجهزة الالكترونية استطاع توضيح معالمها- فهد بن سعيد الجزء الثاني. تغيير في اللون: بعد نجاحه في عدد من الاسطوانات السامرية، ذهب الشاعر سعد بن دَحَيم لتقديم مشورة إلى ابن سعيد وهي ان يغير هذا اللون الذي قد يمله الناس، لذا اتفق الاثنان على ان يقدما اسطوانة جديدة لحسابهما الخاص بدلا من قبض مئات الريالات وسلب جهدهما، التقيا في (قبو) عبد العزيز (فون) في شارع الريس بالرياض عام (1967م) وسجل أغنية (على الوعّد وعافت النوم) وتم إرسالها لليونان، وبعد فتره عادت البروفة (السنبلة) وسمعاها سويا لكن عبد العزيز فون قال لهم إنها غير (صافية)، لكن سوف أعطيكم (2000) ريال وأطبع على حظي. فهد بن سعيد رضي بالأمر وبعد توزيعها وجدت أصداء كبيرة وتوزيع أعلى بعد (فكرت)، لذا بدءا يغير ذلك اللون، فقدم في العام (1967م) اسطوانة (ياليت بعض العرب) كلمات ناصر بن شنار وعازف كمان صليح الفرج وإيقاع فرج الطلال، وتبعها بأكثر من ثلاثين اسطوانة في العام (1969م) منها (ياحسرتي والا يأهل الهوى). اسطوانة (التحدي) - أطلق أغنية (خلا ص من حبكم) كلمات محمد الجنوبي والحان عبدالله السلوم وسجلت على اسطوانه عند إبراهيم العجيان (التلفون) بعنوان التحدي ونجحت بشكل مثير عندها اشتراها (نجدي فون) لتطبع مراراً وتأخذ الاسطوانة الذهبية في العام (1969م) سجل في العام نفسه اسطوانة (ياحسرتي و الاياهل الهوى) مع افراح الجزيرة. التقى بالشاعر راشد بن جعيثن الآتي من المزاحمية حينها، والذي رفض اسم ابن سعيد طالباً فتى الوادي الاسم المشهور في اسطوانة (فكرت)، فعرف من ابن عجيان ان الاسمين لشخص واحد يدعى فهد بن سعيد فقدما حينها في العام (1969م) اغنية (يمين والله يمين) و (هذي مفاتيح حبي) و (نفسي عزيزة) لتوزيعات الجنوب ثم (روح ياخوان) و (ياصاحبي لان الصخر)، يقول ابن سعيد عنه: (إنه يلامس الجروح ويبكيك)، كما قدم مجموعة اغان لشعراء آخرين وهي آخر الاسطوانات ولم تتواجد الا بشكل (سنبله) ولم تنزل في الاسواق حينها على شكل اسطوانة، هنا بدأ التعاون الفعلي مع ابن جعيثن الذي امتد لسنوات طويلة كان نتاجة أكثر من (200) أغنية على أشرطة الكاسيت. في العام (1970م) سافر ابن سعيد للهفوف متوجهاً لدولة قطر لكنه سجل لمدة يومين مع خالد الحبيصي الابن الأكبر لصاحب الاسطوانات عبد اللطيف (فون) وقدم عدداً من الأغاني منها (ياناس مال للهوا) و (الناس نامو وانا اسهر) (الناس ناموا) الالبوم الذي يعتبر الأنقى صوتا لأعماله، سجل أيضا (أعد ساعات الليالي و ياشقا من تولع) في ذلك العام، في الخرج سجل بجهاز ريل جلسة سمى (المكاين) نسبة الى المكان الذي سجلت فيه مع عبدالعزيز العجيان وقدم (والبارحة ياحبيبي) وغيرها. وساطته لبشير شنان: حضر فهد بن سعيد بصحبة بشير شنان لبيت السلوم في العجلية لتقديمه لهم والاستفادة منهم، رغم تلك النزاعات التي تكون بينهما لكن يعودان من جديد لعالم الحب وصلة الرحم- في خضم التنافس رفض ابراهيم العجيان (التلفون) تسجيل أي اسطوانة لبشير لعدم ثقته بنجاحه ولكن بعد ضمان ابن سعيد وافق وسجل (يقول منهو وانا البارحة يوم العرب) ليعزف معه الكمان في الاسطوانة الاولى لبشير، خلاف آخر: (حسيبك زمانك) للشاعر سعد بن دحيم لحنها ابن سعيد وقال له: (أكمل الابيات لاسجلها) لكنه تفاجأ ببشير يغنيها بنفس اللحن وتدوين اسم الشاعر على اللحن، ثم اتت أغنية (ياحسرتي) للسلوم فقدمها ابن سعيد اسطوانة لكن بشير قدمها في الجلسات مستبدلا بعض الكلمات. هجرة خارج الوطن: هاجر ابن سعيد لدولة قطر وعمل بها وكيل رقيب في الفرقة الجيش عام (1970م) وتعلم النوطة على عزف (القربة) ولمده عام ثم انتقل إلى الشارقة بدولة الإمارات ليعمل في جمعية الثقافة إلى ان أصبح مديراً لها، وعاد في العام (1975م) ليلتقي مع أصدقائه أمثال أبو سعود والسلوم اخوان وراشد وبن دحيم وغيرهم. بريدة أول طلة: حينما عاد من الشارقة يظن أن كل شيء انتهى، لكنه دعي الى حفلة التعاون في بريدة (1975م) ليفاجأ بالجمهور العريض الذي غطى المكان ليغني كل اعماله السابقة منها (عشرة سنين - ناصر بن درعان) و (ماغيرك احد و اشتكي وابكي - راشد بن حعيثن) و (عافت النوم وأعد ساعات الليالي وعلى الوعد - سعد بن دحّيم) و (الا يويل من مثلي- لابن غيث) وغيرها من الاغاني حينها قال: (هو الذي لم اتوقعه هل صحيح الناس مازالت تسمعني.؟) ثم يبكي بعدما تذكر والدته وصديقة بشير شنان ليأتي من يمسح دموعه عازف الأكورديون. الكويت مشوار جديد: انطلق في عالم الاشرطة والحفلات والجلسات، سجل في الكويت عند علي القحطاني شريط (لا تسبق الاحداث مافيه داعي-ابن حعيثن وياناس خلوني- (المحتار) محمد بن ناصر القحطاني) وعدداً من الاشرطة من كلمات القحطاني علي وراشد الجعيثن، و (لاجزا الله العواذل) ابن دحيم عام (1976م) في ذلك العام سجل ثلاثة اشرطة. عندما يتذكر الأحباب: توجه فهد وحيداً كالعادة إلى منزل يعرفه ليخطب أخت صديقه الذي ابلغهم بذلك (1976م) وعندما طرق باب الدار، اذ بطفل يفتح له الباب واستمر ينتظر من يدخله الا انه تفاجأ بذلك الطفل يقول له (ليس بالمنزل أحد) وهو يعلم ان الجميع كانوا هناك، إنه يوم الخميس الذي فصل فيه حالته النفسية والاجتماعية في اغنية (يوم الخميس العصر مريت الاحباب) . علاقة النجوم: عندما سمع طارق عبدالحكيم أغنية (كلنا لك ياحبيبي) قال له: (من اين اتيت بهذا اللحن.؟) وهي قصة كانت في وادي نمار عندما كان مع ابو سعود الحمادي يتنزهان وتغنى حينها بهذا اللحن امام ابو سعود الذي سارع بتسجيله قبل ان يُنسَى ثم نجحت تلك الاغنية، عاد ايضاً ليسمع طارق تقاسيم إنفرادية على العّود ليشد انتباهه ويطلبه في عدد من البرامج ويسجل له مجموعة من الاغاني التي حبست داخل اروقة الاذاعة منّذ العام (1975م) إلى الآن.!! صداقته مع عبدالله محمد لم تكن الا صداقة المبدعين حينما كان عبدالله في الرياض، يقول عنه: (إن ابن سعيد لن يتكرر)، استمر في التنقل بين الكويت للتسجيل حتى التقى مع عيسى الاحسائي وقال له: (اريد ان اسجل اغنيتك- طيرات الميج) فضحك عيسى ووافق فنجت أيضا مع فهد بن سعيد، وللقحطاني (كل ساعة من حياتك ويالله ياجاعل وصبرنا التي اتت عنوان الشريط)، سجل ايضا الاغنية الدرامية (ياشين بيتي) للشاعر سالم علي الحويطي، بينما علاقته بالفنانين تستمر لكنها تتقطع حيث كان استمر مع الوحدة والفوضى.!!. انقطاع وبروز في الحفلات: يقول: (اني انقطعت عن الفن لمدة عام) لكنه عاد في (1981م) مع انغام واوتار في جلسة (طاوعت فيني وشفتك معه وماهقيت ان الغلا) وغيرها في منزل الايقاعي (عبيد عواد) في سلطانه بالرياض وتصدر المبيعات في ذلك الوقت، استمر في الجلسات والحفلات بنجاح. في حفلات الأمانة التي أقيمت في صالات الدرعية بالرياض (1985م) توقع هو ان يكون من ضمن الفنانين المدعوين لكنه لم يدعى، وارجع السبب حينها إلى جمعية الثقافة التي هي بالاساس لم تقدم له الدعوى سابقاً، قال: (لم أكن أتوقع بعد هذا المشوار ان لا ادعى في حفل الامانة.؟). رئيس نادي النصر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله) طلب من ابن سعيد الغناء في حفلة نادي النصر في العام (1406ه) وهو الذي غص بالجماهير، نجحت تلك الحفلة، فتوالت الدعوات من كل الاندية ونجح مع حمد الطيار في حفل الشعلة بالخرج والطائي وغيرها، سجل موقفاً فنياً بالغناء لكل المدن والقرى وكل الاندية وقبلها قدم انشودة (هبت جيوش العروبة) ابان الغزو الثلاثي من الحان ابو سعود الحمادي.