صدمنا هذا الخبر الذي يؤكد بأن 50% من الماركات الشهيرة في المملكة مقلدة وهي تتباين ما بين 42قطاعاً من قطع غيار السيارات المزورة إلى أدوات التجميل وأيضا بعض المواد الغذائية كما جاء من شركة حماية العالمية على هامش المنتدى العربي الأول لحماية المستهلك من الغش التجاري والتقليد والذي عقد في مدينة جدة مؤخرا! فهل كنا نتصور هذه النسبة من الغش التجاري في بلدنا من قبل؟ في شهر ابريل الماضي فقدت احدى قريباتي حقيبتها اليدوية ذات الماركة الشهيرة في مطار هيثروبلندن بينما كانت وأختها تنتظران فتح كونتر الرحلة وبها المال والكروت والهدايا القيمة ولم تصدق بأن أحدا سحب الحقيبة من يدها وهي تتكئ على الترولي دون أن تشعر وقالت لنا في ذهول إن سعرها تجاوز الخمسة آلاف درهم وحدها غير الأشياء القيمة التي كانت بداخلها وبفضل من الله فقد سلمت جواز سفرها إلى أختها قبل السرقة بقليل غير أن الحادثة بدت غير مفهومة إلا إذا تمت بواسطة السحر مثلا ومسؤولو الأمن هناك لم يستطيعوا مساعدتها رغم انتشار كاميرات المراقبة المكثف مما يجعلنا نتساءل إضافة للموضوع لو أن أحداً تخيل بأن هناك حقائب ماركات مزورة تباع بنفس سعرها الأصلي عندنا ماذا كنا سنقول؟ طبعا الأولوية هنا تتبع ما تتعرض له صحة وسلامة المستهلك من خطر السلع المغشوشة والتي لها علاقة مباشرة بحياته مثل المواد الغذائية والأدوية وقطع الغيار لما يسببه ذلك من أضرار صحية وبيئية وما نراه في الصحف ووسائل الإعلام من قضايا الغش والتقليد يلقي بجزء كبير من مهمة الحماية لوعي المستهلك أولاً يقابله حالات انعدام الضمير والوازع الديني والأخلاقي لبعض ضعاف النفوس فهل تبقى الظاهرة فقط في المواد الاستهلاكية؟ في افتتاحه المنتدى العربي لحماية المستهلك أكد سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة على شمول الغش التجاري بقرصنة السطو على حقوق الملكية الفكرية للغير والتي يترتب عليها إحباط لهمم المبدعين وإعاقة لحركة الابتكار والتطوير والتأثير سلبا على الاستثمارات الوطنية والعالمية مما أعطى القضية أبعاداً اشمل لاشك لأن قصص السطو الفكري سواء كانت على المستوى الإبداعي أو الأكاديمي أو للاختراعات تبدو للبعض وكأنها واقع لا مفر منه ولا تخلو غالبا من التبريرات المكررة وغالبا ما نجد أنها تصبح مصدر دعاوى قضائية لدى البلدان المتقدمة ذات النظام الصارم فيما يتعلق بحقوق الغير إلا أنه في العالم العربي للأسف ما زال إرث الشطارة وانتهاز الفرص لسرقة أفكار الغير في مشاريع للبروز باسم التنافس مفهوما قائما بحد ذاته لا يردعه إلا احترام حقوق الآخر وحقه بالحماية الذي يكفله له النظام المطبق. إن فكرة انعقاد المنتدى العربي لحماية المستهلك من الغش التجاري والتقليد وبث الاهتمام بهذا الجانب الحيوي على مستوى الجامعة العربية والغرفة الإسلامية للصناعة والتجارة بالإضافة للجمارك السعودية وحماية العالمية تعِدُ باحتواء رقابي وعلاجي للمشكلة غير أن ما ينقصنا أكثر هو الدور التوعوي الذي ما زال قاصرا عن الوصول لجميع أفراد المجتمع وخطوة مؤثرة قد تبدأ من سلسلة رسائل إعلامية قصيرة تبين حجم ونوع المشكلة وكيفية التعامل معها مع إيضاح الأمثلة الحية بالطبع لان وضوح أبعاد الصورة هو اقرب للموضوعية والإقناع لدى المتلقي الذي من أجله تبث رسائل الوعي والضمير.