@@ بعد أن وضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم أمس الأول خارطة مبادئ أساسية لعمل فكري ذي أبعاد تاريخية، هدفه التعايش بين أرباب الأديان السماوية الخالدة، ووسيلته الحوار النابه تأسياً على القواسم المشتركة بين الشعوب،.. فإن العالم كله ينتظر اليوم من علماء المسلمين المجتمعين في أقدس البقاع وأطهرها، في مكةالمكرمة، الخروج بوثيقة مبادئ عالمية تؤسس لهذا الحوار، انطلاقاً من كلمة الملك ودعوته الخيّرة إلى ترسّم طريق الخير والفلاح لكل بني البشر. @@ وكما قال يرعاه الله في كلمته بأن ما اتفقنا عليه أنزلناه منزلة النفس وسعينا إلى تطبيقه.. وان ما اختلفنا عليه أحلناه إلى قوله تعالى "لكم دينكم ولي دين" فإن ذلك هو المنطلق لبناء صرح التعايش القائم على الاحترام والتنوع والتكامل ليس فقط بقيام ثقافة استيعاب الإنسانية لبعضها البعض فكرياً.. وإنما لتنمية مصالحها المشتركة أيضاً.. @@ لقد اختار الملك عبدالله مكةالمكرمة مكاناً ينطلق منه هذا الحوار، التاريخي إلى كل مكان في هذا العالم ليؤكد مجدداً أن الإسلام دين عقل، ودين حوار ودين منطق.. وعلى هذه الصفوة من المفكرين ان يثبتوا للعالم أنهم دعاة سلام ومحبة وعدالة وتفتح. @@ ولن يتحقق هذا إلا بالتركيز على الثوابت والمشتركات والبعد عن الفروع ونقاط الاختلاف المذهبية الضيقة بين أبناء الدين الواحد، والخلوص إلى بناء إستراتيجية قوية، ومحكمة وعقلانية تجتذب الآخرين وتستثمر تجاوبهم مع دعوتنا الإنسانية الخيرة لبناء فكر عالمي وإنساني خلاق، لا مكان فيه للصراع.. ولا مجال فيه للتشدد أو الانغلاق. @@ وبالتأكيد فإن التركيز الكامل والمطلق على هذا الأساس الفكري البحت يوفر الأرضية المشتركة لبدء حوار واسع ومتشعب مع مريدي الأديان السماوية الأخرى في أي مكان من هذا العالم، بعد أن يكون مؤتمر مكة الأول قد وضع وثيقة العمل المشترك والتفكير الموحد بكل وعي وبمسؤولية تاريخية وجادة.. @@ ومن أجل أن يتحقق هذا، فإن الابتعاد بهذه الأمة عن القضايا السياسية.. وتحديداً عن القضايا الخلافية الراهنة.. كفيل بأن يعطي الوثيقة كل الأبعاد العالمية المطلوبة وغير المرهونة بمكان وزمان الحوار وتعقيدات الأحداث الراهنة. @@ ولا شك أن عقلاء الأمة قد أدركوا هذه الحقيقة.. كما أدركوا أن أي طرح آخر سوف يبتعد بهذا المؤتمر عن أهدافه ومراميه السامية. @@ ولذلك فإننا موعودون اليوم أو غداً بولادة وثيقة تاريخية عظيمة تنتقل بأمتنا إلى الصفوف الأولى لبناء الحضارة الإنسانية على أسس جديدة وراسخة ومينة.. وصولاً إلى عالم مسكون بالأمان والطمأنينة والعيش المشترك وبعيداً عن الخوف.. والتوتر.. والتخلف.. والصراع. @@@ ضمير مستتر: @@(قال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن.. فإذا الذي بينك وبينه عداوة، كأنه ولي حميم).