يوصف مشروع "قبو البذور" الذي افتتح في جبال النرويج الجليدية لخزن نسخ طبق الأصل من أهم محاصيل البشرية، بأنه "أحد أكثر الإنجازات المبتكرة وأشدها إثارة للانطباع في خدمة البشرية جمعاء" .. الدكتور ضيوف مدير عام الفاو الذي يضيف.. أن "هذه الثروة المصانة في زفالبارد اليوم ستصبح ضمان البشرية الشامل لتلبية تحديات المستقبل". فقد تم إنشاء القبو في جبل منجمد قرب قرية لونكييرباين في جزر سفالبارد بالنرويج على بعد ألف كيلومتر تقريباً شمالي الأراضي الرئيسية للنرويج ونحو 1120كيلومترا عن القطب الشمالي. ان الصقيع الدائم والصخر السميك من شأنه أن يضمن حتى بدون الطاقة الكهربائية المادة الوراثية المخزونة في داخل القبو الذي سيبقى منجمداً ومحمياً. وقد تم تشييد القبو بتمويل من الحكومة النرويجية وحسب صندوق الامانة العالمي الخاص بتنوع المحاصيل فان القبو يشكل عنصراً جوهرياً من المنظومة العالمية المضمونة للحفاظ على تنوع المحاصيل كافة. ومما يذكر ان صندوق الامانة المذكورة يساعد البلدان النامية على اعداد وتعبئة ونقل ما يتوفر لديها من بذور الى القطب الشمالي. وسيتلقى القبو نحو 200الف من اصناب البذور في اطار المعاهدة المتفق بشأنها، حيث يتسع لنحو 4.5ملايين عينة من عينات البذور أي ما يعادل مليارين من البذور تقريباً. وقال الدكتور ضيوف "ان المعين الخاص بجينات المحاصيل في العالم والذي يحتوي على البذور ضروري لزيادة انتاجية المحاصيل والتخفيف من حدة الضغط البيئي كتغير المناخ والآفات والامراض، فضلاً عن أنه يضمن قاعدة لمورد وراثي للمستقبل. ومع ذلك فان التنوع البايولوجي، الذي يضم مجاميع البذور في العالم يتعرض للمخاطر بصورة مستمرة جراء الكوارث الطبيعية والكوارث التي يصنعها الانسان". وتجدر الاشارة الى ان المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة، كانت قد اتفقت على اطار قانوني دولي للمحافظة على تنوع المحاصيل والحصول عليه، بعد ان اعتمدتها البلدان الاعضاء في منظمة الاغذية والزراعة، وهي التي سهلت إقامة قبو البذور العالمي. فقد صادق الى الآن على المعاهدة المذكورة 116بلداً ليمهدوا بذلك الطريق للمحافظة على الموارد الوراثية النباتية واستخدامها بصورة مستدامة والتمتع بمزاياها بصورة منصفة ومتساوية. ووصف المدير العام للمنظمة "البذور بأنها تمثل عجلة الحياة"، حيث إن قبو البذور من شأنه ان يضمن توفر التنوع الوراثي المطلوب لمجاميع المحاصيل بما يواجه تحديات المستقبل في قطاع الزراعة. وقال انه في غضون الخمس والعشرين سنة القادمة فقط سيزداد انتاج الحبوب بنحو 50المائة ولابد أن يأتي الجزء الأكبر من هذا الانتاج من الاراضي والمياه والموارد الطبيعية الأخرى قيد الاستغلال حالياً. وتوقع الدكتور ضيوف أن يتمخض عن تغير المناخ تأثير بليغ على قطاع الزراعة، حيث قال "ان الزيادة المتوقعة في معدل درجات الحرارة في العالم ستؤدي إلى حالات تدني جوهرية في التنوع الحيوي (البايولوجي) بما في ذلك ضياع الموارد الوراثية المتاحة للانتاج الزراعي. وأضاف قائلاً: "إن التكرار المتزايد لموجات الجفاف والفيضانات سيؤثر سلباً على الانتاج المحلي، حيث يرجح أن تتدنى قدرة الغلال حتى وإن ارتفعت قليلاً درجات الحرارة في العالم ولا سيما في المناطق الجافة الموسمية والتي تعد أيضاً مراكزا للتنوع البايولوجي. وقد يسفر تغير المناخ ايضاً عن تحول في الأراضي الزراعية ناهيك عن ظاهرة زوال الغابات. ويقدر في البلدان النامية ان ظاهرة زوال الغابات انها تشكل أصلاً 20في المائة جراء الغازات المنبعثة من البيوت المحمية. وستترتب كذلك عواقب وخيمة جراء تغير المناخ في المستقبل القريب على النظم الايكولوجية الزراعية على اولئك الذين يعتمدون على الزراعة". هذا وستستضيف منظمة الأغذية والزراعة بمقرها الرئيسي بالعاصمة الايطالية روما، مؤتمراً دولياً رفيع المستوى بشأن الأمن الغذائي العالمي وتغير المناخ والطاقة الحيوية، وذلك في الفترة من 3إلى 5يونيو - حزيران القادم، بالاضافة الى حدث خاص آخر في نوفمبر - تشرين الثاني بشأن توفير الغذاء لسكان المعمورة في العام