"ربنا يستر من موجة غلا جديدة".. قالها محمد ابوالنور الموظف الحكومي المصري الذي يعيش حالة من القلق بعد الإعلان عن زيادة الأجور بنسبة 30% تخوفا من ان يعقب ذلك كما هو المعتاد ارتفاع كبير في الأسعار. أبو النور الموظف بالدرجة الرابعة ويشكو الرسوب الوظيفي "تأخر الترقي" فور إعلان الرئيس حسني مبارك عن الزيادة الجديدة للرواتب سارع بإحضار ورقة وقلم لحساب الزيادة في راتبه للشهر الجاري فوجد انها تبلغ حوالي 90جنيها ليصل راتبه الى 605جنيهات فقط. وبالرغم من انه اعرب عن سعادته بهذا المبلغ الإضافي خاصة وانه مع نهاية يوليو القادم ستضاف اليه العلاوة الدورية السنوية وقدرها 10% من الاجر الأساسي الا انه بدا غير سعيد لان هذه الزيادة لن تصمد في مواجهة الارتفاعات المتلاحقة للأسعار. مصر شهدت الشهور الأخيرة عددا من الاحتجاجات ضد تدني الأجور والارتفاع الكبير في الاسعار مما زاد معدلات التضخم الى اكثر من 14% فقد ارتفعت اسعار بعض المواد الغذائية حوالي 50% وارتفعت اسعار زيوت الطهي 42% بينما ارتفعت اسعار المواد الغذائية عموما حوالي 23% مما شكل عبئا ثقيلا على الشريحة الكبرى من المصريين. يقول رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية محمد المصري في تصريحات له ان إقرار علاوة جديد قرار إيجابي ويسهم في زيادة القوة الشرائية للمواطن. وأضاف أن الهدف من العلاوة مساعدة المواطن على الحياة بشكل كريم وتوفير الحد الأدني من متطلباته اليومية في ظل المتغيرات والارتفاعات في الأسعار العالمية والمحلية. ولم ينف تخوف القطاع التجاري من ارتفاع الاسعار وقال اننا دائماً نواجه اتهامات موسمية برفع الأسعار مع كل علاوة جديدة علماً بأن الجميع يدرك ويعلم التحديات وتحركات الأسعار العالمية لافتاً إلى ارتفاعات أسعار البترول وما يصاحبها من زيادة تكاليف النقل والانتاج. أوضح أنه سيتم عقد اجتماعات مع اتحاد الصناعات المعدنية واتحاد العمال واتحاد غرف السياحة لبحث دور القطاع الخاص في التعامل مع الأوضاع الراهنة، موضحاً أن الشركات الخاصة بأنواعها تتعامل بشكل مختلف عن الحكومة فيما يتعلق بالموازنات وزيادة الرواتب والعلاوات وبدأت معظم الشركات صرف نسبة علاوتها الجديدة في مطلع يناير الماضي. الزيادة الجديدة وأكد عادل جزارين، رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية، ان الزيادة لن تؤثر على الأسعار وقد تتسبب في إحداث انتعاشة بالأسواق إذا صاحبتها سيطرة على الأسعار ورقابة محكمة. وقال إن مؤسسات قطاع الأعمال الخاص ليست ملزمة بتطبيق تلك العلاوة بالنسبة نفسها فلكل مؤسسة ظروفها فهناك مؤسسات رواتبها مرتفعة ولا تحتاج زيادات ومؤسسات أخرى خاسرة ولا تستطيع الوفاء بهذه العلاوة. وطالب بزيادة إحكام الرقابة على الأسواق حتى لا يتلاعب التجار بالأسعار، مشيراً إلى دور جهاز حماية المستهلك وتفعيل دور المحليات. وقال أحمد الوكيل رئيس غرفة تجارة الإسكندرية إن إعلان زيادة العلاوة الاجتماعية خطوة في توقيتها المناسب متوقعاً أن تتسبب ارتفاعات الأسعار وزيادة سياسات تقييد الصادرات عالمياً في حدوث مجاعة في مناطق كثيرة بالقارة الأفريقية. اسواق عالمية وكان رئيس الوزراء الدكتور احمد نظيف قد ذكر ان الحكومة ترصد بشكل يومي تطورات واتجاهات الاسعار في الاسواق العالمية وتأثيراتها على السوق المصري، مبديا حرص الحكومة على اتخاذ كافة الاجراءات لضبط الاسواق، وتوافر السلع الاساسية، ومنع الممارسات الاحتكارية التي يمكن ان تؤدي الى زيادات غير مبررة للاسعار في مصر . وقدر الخبير المالي عبد الفتاح الجبالي تغطية العلاوة الجديدة بين 4و 5مليارات جنيه، مؤكدا أنه في حالة عدم كفاية بند الاحتياطيات في الموازنة لتغطية الزيادة الجديدة فإن الأمر قد يؤدي لزيادة العجز والدين الحكومي. أضاف أن بند الاحتياطيات في الميزانية في الغالب يخصص لمثل هذه الأمور مثل العلاوة الخاصة أو الاجتماعية وغيرهما. وأضاف: الزيادة في العلاوة هذا العام إجراء ممتاز، لأن العالم كله يتحدث عن أزمة غذاء وارتفاعات في الأسعار، بما فيها المنظمات الدولية ذات الصلة، لافتا إلى أن الزيادة في العلاوة تناسب ارتفاعات الأسعار. وقال إن القطاع الخاص ملتزم بتنفيذ العلاوة وإذا كانت هناك بعض حالات في الشركات الخاصة لا تستطيع التجاوب مع الزيادة لظروف مالية أو ظروف السوق، عليها أن تتقدم بطلب يفيد هذا للمجلس القومي للأجور، مصحوبا بآخر ثلاث ميزانيات مالية توضح موقفه والمجلس من جانبه إما يعفيها أو يمنحها استثناء بمنح علاوة أقل من النسبة المعلنة. في الموضوع نفسه ذكرت دراسة تحمل عنوان "الدعم السلعي في مصر.. إلغاء أم إصلاح وإعادة هيكلة" صدرت حديثا أنه من الصعب وضع تقدير حقيقي للفقراء باعتبارهم أول مستحقي الدعم، في ظل عدم دقة البيانات الخاصة بتوزيع الدخل. وبينت الدراسة التي تصدر ضمن سلسلة "كراسات استراتيجية" التي يصدرها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن توزيع الدخل في مصر لا يتضمن توزيع الدخل الذي تم إيجاده في "الاقتصاد الأسود" من تجارة الآثار والمخدرات والسلاح والأعمال المنافية للآداب والفساد ونهب المال والممتلكات العامة، وهو دخل يذهب في غالبيته الساحقة إلى الطبقات العليا التي تعمل في هذه المجالات غير المشروعة. وأوضحت الدراسة التي أعدها أحمد السيد النجار، الخبير الاقتصادي بالمركز، أن التصنيف الموضوعي للفقراء يجب أن يتم على أسس واقعية مرتبطة بالأجور ومعدل الإعالة في مصر الذي يبلغ 2.37شخص إلى جانب إعالته نفسه. وأكدت الدراسة أن 5.58ملايين شخص يعملون في الجهاز الحكومي، واعتبرت غالبيتهم الساحقة في حالة فقر مدقع بسبب جمود الأجور وانهيار قدرتهم الشرائية نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات بمعدلات تفوق كثيرا عن معدلات زيادة الأجور. مدير عام وأوضحت الدراسة أن الموظف العام في الحكومة منذ عام 1977حتى الآن "منذ 30عاما" وحصل على امتياز طوال عمله وأصبح مديرا عاما، فإن راتبه لا يتجاوز 730جنيها بعد 30عاما من العمل، وبالتالي يكون وهو في قمة الجهاز الإداري للدولة في حالة فقر مدقع بعد حساب متوسط دخله الشخصي ومن يعولهم. وأوضحت الدراسة، أنه وفقا لمعدل الإعالة، فإن عدد موظفي الحكومة ومن يعولونهم في حالة فقر مدقع ويبلغ عددهم وفق الدراسة 20مليون نسمة، إن لم يكن لديهم مصدر آخر مشروع للدخل، أو مدخرات من العمل بالخارج. واستندت الدراسة إلى البيانات الرسمية التي تشير إلى أن عدد العاملين بالقطاع الخاص بلغ 14.04مليون عامل، وذكرت الدراسة: "نظرا لفساد نظام الأجور وعدم عقلانية الحد الأدني وآليات التدرج فيه - وهو مسؤولية الدولة - فإن القطاع الخاص يبدو مطلق اليد في تحديد أجور - شديدة التدني - للعاملين لديه".