لم يعد الزائر لمنطقة عسير يقتصر بالتمتع بما حبا الله المنطقة من تباين بالتضاريس التي تشكلت في لوحة جمالية تطرزت بالوشاح الاخضر الطبيعي يزيدها جمالا شلالاتها المتدفقة بعذب المياه... بل أصبح يدرك ايضا ان عسير انفردت بسياحة الموروث وذلك بما تكنزه من ارث للإنسان والمكان مما زاد التقدير لقيمتها التاريخية في ضوء استيعاب متطلبات الصناعة السياحية التي تتنامى سنوياً في هذه المنطقة فاصبح الزائر يشعر باستحضار ملامح الأمس وبتكاتف الجهود الفردية والرسمية، من أجل تقديم صورة متكاملة عن الماضي الحضاري للمنطقة وتنوع العناصر والصلة الممتدة إلى اليوم من خلال النماذج العمرانية والرموز الزخرفية والتشكيلية القديمة فمن هنا كان ل "الرياض" هذه الجولة على عدد من المتاحف في منطقة عسير والقرى الاثرية التي اصبحت مزارات سياحية يهتم بها الزائر من مختلف مناطق المملكة. متحف شدا فكان (قصر شدا) الذي شُيِّد عام 1930، من أكبرالمتاحف الموجودة في منطقة عسير يتوسط مدينة ابها بجوار مبنى امارة عسير. وهوعبارة عن بناء قديم مكون من أربعة طوابق، ويعد اليوم متحفاً شعبياً يُعنى بتراث المنطقة ويقدّم خدماته للزوار والمصطافين وطلاب المدارس والوفود الرسمية والباحثين. قصر المفتاحة وفي الجهة المقابلة لشدا غربا يقع "قصر المفتاحة" الأثري بطوابقه الثلاثة وقد شيد منذ 150سنة، وهو الآن أحد معالم منطقة عسير الأثرية التي يقصدها أبناء المنطقة وزوارها. ويضم هذا القصر نماذج من الحِرف والصناعات التقليدية في المنطقة مثل سبك المعادن وصياغة الذهب والفضة والحدادة والنجارة والنقش وغير ذلك. كما يشتمل القصرعلى طرق وأساليب تقطير الورد والكادي الذي تشتهر منطقة عسير بزراعته منذ زمن بعيد. قرية المقر وفي محافظة النماص توجد قرية "المقر" السياحية وهي أحدث قرية سياحية من حيث الفكرة والتصميم، وتحتل مساحة 1300متر مربع فوق جبال السروات، وتشتمل على القصر الأندلسي والقرية التهامية التراثية ومبنى الاسكان السياحي بجانب مطاعم واستراحات ومطلات خارجية وحديقة للحيوانات. وقد روعي في تصميم القرية المواءمة بين التراث العربي والإسلامي القديم في الأندلس والتراث السعودي في تمازج الألوان والرسوم والأشكال الهندسية. قرية رجال ألمع وفى بلدة "رجال" بمحافظة رجال ألمع، يقع متحف رجال ألمع الأثري أنشيء من قبل أهل القرية عام 1405ه لحفظ تراث المنطقة وذلك في حصن آل علوان بعد أن زادت الهجرة من القرية إلى المدينة وتولى الأستاذ محمد غريب جمع المقتنيات، وتم نقش القصر من الداخل تحت إشراف الفنانة فاطمة أبو قاحص، ويضم المتحف 20قسماً، وقد افتتحه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير عام 1407ه. وهو من أكثر المتاحف ثراءً وتنوعاً من حيث الموجودات وطرق عرضها. وترتبط هذه المتاحف بمتنزه السودة السياحي بواسطة العربات المعلقة ويحتوي المتحف على 20قسما وزعت فيه المحتويات حسب رؤية اجتهادية طبقاً لترتيب الاستخدام أو الدلالة التراثية المتجانسة مثل، شنعة النحل وغرفة الحارس والمطبخ ومكان تخزين الحبوب وطحنها وأدوات الزراعة والبناء والنقل وقسم للأسلحة والحلي والطب الشعبي والمصنوعات الحرفية وبيت الرجل الألمعي وبعض المخطوطات القديمة التي يصل عمر بعضها إلى مئات السنين. ويضم المتحف أكثر من 2800قطعة تراثية وعدد كبير من المصوغات الفضية القديمة الى جانب انه اصبح يهتم بتوثيق النشاط الثقافي التراثي القديم الموثق في كثير من المخطوطات القديمة تشتمل على ما يدور من نشاط سكاني سواء في التعليم أو التجارة والزراعة والتقاليد الاجتماعية، وذلك من خلال قسم المكتبة التي تنقسم الى 5أقسام، القسم الأول: المصاحف والكتب المخطوطة وأدوات الكتابة. القسم الثاني: الحياة الاجتماعية. القسم الثالث: التعليم وأنموذج سكن قديم لمعلم. القسم الرابع: المعاملات التجارية. القسم الخامس: نماذج من وثائق الاسر في رجال المع.. ظهران الجنوب وفي ظهران الجنوب تتعدد الصور الجمالية لهذا الارث فهناك لازالت المنطقة غنية بعدد من القرى التراثية وذلك يتجلى في البيوت المبنية من الطين يتراوح ارتفاعها ما بين الدور الواحد والخمسة ادوار في تصميم رائع وجودة في البناء وبساطة في العمارة وحينما تدخل مجالسها الأنيقة تجدها حافلة بالنقوش والرسوم وبراعة استخدام الألوان وطلاء الجدران في مزيج رائع تضفي على المجلس هالة من الفخامة والجمال. وهذه المباني منتشرة في القرى والبوادي والأرياف. هذا بالإضافة الى ان المنطقة تزخر بالقلاع والحصون القديمة... وعلية يجب أهمية تكامل الجهود الرسمية والشعبية في الحفاظ على هذا التراث باعتباره ثروة وطنية وانسانية قيمة وذلك لما يمثله من هوية إنسانية وحضارية للشعوب. يجب الاهتمام بها وإعطاؤها الأولوية.