تحتضن دهاليز متحف رجال ألمع الدائم للتراث قطعا أثرية وكنوزا من التراث والقطع التراثية والمخطوطات القديمة التي لا تؤرخ لحضارة عريقة عاشتها هذه البقعة التي تجمع في مسماها اسم قبيلة وأيضا محافظة تقع في الجهة الغربية من منطقة عسيرجنوب المملكة، على مسافة 45 كم غرب مدينة أبها . المتحف الذي تحتضنه محافظة رجال ألمع، يفد إليه المصطافون والزائرون من كل مكان نزولا من أعلى قمة في المنطقة، حيث يجدون أنفسهم أمام خيارين أحدهما عقبة متعرجة يملؤها الخضار ويتداخل فيها الجمال والخيار الآخر النزول بالعربات المعلقة التي تزيد الصورة جمالا حيث تنظر إلى المحافظة وأبنيتها القديمة من السماء. تعد محافظة رجال ألمع منطقة جبلية، يحدها من الشرق مركز السودة، ومن الشمال محافظة محايل عسير ومن الجنوب محافظة الدرب، لكن خيار العربات المعلقة يجعل الزائر يستمتع بجمال العقبة، حيث يصعد الحافلات التي تقل المصطافين من موقع وصول العربات «محطة العوص» إلى مكان القرية ذات الطراز المعماري الفريد حيث المتحف الذي أنشيء عام 1405ه في أكبر الحصون وهو حصن آل علوان الذي أنشأته عائلة آل علوان في قرية رجال المع، والذي رمم بالتعاون من أبناء رجال ألمع كل منهم بحسب إمكاناته وخبرته بمبادرة عامة من أهالي المحافظة بهدف حفظ تراث منطقتهم. المتحف الذي توفرت إلى جواره الخدمات يتم الدخول إليه عبر درج معتلي يقودك إلى غرف صغيرة ودهاليز علقت على جدرانها قطع أثرية ومنسوجات وأزياء وأسلحة قديمة، وقد صنفت هذه الآثار والمقتنيات تصنيفا فنيا موضوعيا يبعث على الجمال ويذكرك بتاريخ المكان وجغرافيته، وهذا ما يجعل زواره يقصدونه ويقصدون المنازل الأثرية المجاورة التي اندثر بعضها وبقي البعض الآخر يعاند ظروف الطقس. ويحتوي المتحف على 20 قسما وزعت فيه المحتويات حسب رؤية اجتهادية طبقا لترتيب الاستخدام أو الدلالة التراثية المتجانسة مثل، شنعة النحل وغرفة الحارس والمطبخ ومكان تخزين الحبوب وطحنها وأدوات الزراعة والبناء والنقل وقسم للأسلحة والحلي والطب الشعبي والمصنوعات الحرفية وبيت الرجل الألمعي وبعض المخطوطات القديمة التي يصل عمر بعضها إلى مئات السنين. يرجع الباحث علي عسيري قصة إنشاء المتحف إلى عام 1985 حين طرح أهالي ألمع اقتراحا لإنشاء متحف يضم تراث المنطقة بعد تزايد الهجرة إلى المدن وتناقص عدد السكان بشكل سريع وإبقائهم لكل مستلزماتهم من الأثاث والسلاح والأدوات الشخصية والمهنية في بيوتهم. وبعد اكتمال العمل في عام 1987 افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير آنذاك المتحف ليبدأ في ممارسة دوره كقناة ثقافية سياحية منذ ذلك الحين مع استمرار بعض المهتمين بتزويد المتحف بالمقتنيات. ويضم المتحف أكثر من 2800 قطعة تراثية و500 كيلو غرام من المصوغات الفضية القديمة على أن الكم الكبير من المقتنيات في قصر مساحة حجراته غير كبيرة وغير موزعة بشكل يناسب متحفا رغم أن الإضافات متواصلة والتجديد مستمر وما زال يخضع لدراسات تطوير وإثراء من قبل القائمين على الهيئة العامة للسياحة في ظل الفكرة الشاملة لمشروع جعل بلدة رجال بكاملها منطقة تاريخية وتراثية وسوقا شعبيا ومحطة استراحة وترفية. على الجانب الآخر، تقع المكتبة التراثية التي أنشئت وفقا لمشرفها المهندس فايع بن يعقوب الألمعي قبل أربع سنوات لتكون امتدادا لنشاط متحف ألمع، حيث تهتم بتوثيق النشاط الثقافي التراثي القديم الموثق في كثير من المخطوطات القديمة تشتمل على ما يدور من نشاط سكاني سواء في التعليم أو التجارة والزراعة والتقاليد الاجتماعية، وتقسم المكتبة إلى 5 أقسام، القسم الأول: المصاحف والكتب المخطوطة وأدوات الكتابة. القسم الثاني: الحياة الاجتماعية. القسم الثالث: التعليم وأنموذج سكن قديم لمعلم. القسم الرابع: المعاملات التجارية. القسم الخامس: نماذج من وثائق أسرة آل الحفظي. وتضم المكتبة أكثر من 700 وثيقة ومخطوطة وسجلات وطوابع وعملات، وأشار الألمعي إلى قيام لجنة إشرافية وتنظيمية بإعادة تنسيق وتطوير المكتبة والوثائق؛ لتكون في متناول الجميع عبر التصفح الآلي كما هو معمول به في المتاحف والمكتبات العالمية. وكانت أعمال التطوير والترميم في بلدة رجال قد بدأت قبل أشهر وتشمل القصور الواقعة به والطرق مع إنشاء مسرح مفتوح يتسع لأكثر من ألفي متفرج، والذي روعي فيه التصميم التراثي فيما جعلت المواقع الخلفية منه محلات لعرض البضائع المحلية والمأكولات الشعبية وسيكون جاهزا مع موسم الصيف المقبل.