عندما تقرر الذهاب الى قرية عشم الاثرية في تهامة بالقرب من ناوان فإنك بلاشك تحتاج الى دليل يعرف تلك القرية نظرا لعدم وجود لوحة تدل عليها بالإضافة الى انها بدأت تندثر وتختفي معالمها على رغم ماتملكه من كنوز اثرية. قررت الذهاب الى القرية واستعنت ببعض الزملاء وقطعنا مسافة 80كلم من الباحة مرورا بالمخواة وفي طريقنا الى قرية عشم لم نجد لوحة تدل على تلك القرية ولولا ان زميلنا زارها قبل فترة لصعب الوصول لها وبالفعل سلكنا طريقا صعبا وعندما وصلنا الى تلك القرية المحاطة بشبك حديدي وبدون حراسة او جهة تستقبل الزوار شاهدنا أنه اصبحت من اطلال الماضي.وتقع قرية عشم جنوب منطقة مكةالمكرمة وتبعد عن بلدة المظيلف حوالي 20كم ( شمال شرق) وتبعد عن محافظة المخواه بمنطقة الباحة حوالي 40كلم تقريبا. واهم ما يميز عشم هي تلك النقوش التي تربو على اكثر من مائتي نقش بأنواع مختلفة من الخطوط، إلاّ ان ما يجمع بينها هو الخط الكوفي غير المنقط وكتب بعضها بخط غائر وكتب بعضها بخط بارز، والعديد من هذه النقوش غير مؤرخة، بينما يحمل بعضها تاريخاً يقع بين القرنين الثالث والخامس، والدارس لهذه النقوش سيطلع على ما وصلت إليه حضارة عشم فالعناية بالنقش وزخرفته سمة تطغى على الكثير من النقوش وكذلك الجمل الدعائية المنقوشة على الشواهد، ويوجد من بين هذه الشواهد نقش كتب من عهده (352) هجرية. ولا تقتصر الآثار في عشم على القرية فقط بل وجد العديد من النقوش وبعض الرحى خارج القرية ، وكشفت السيول مؤخراً عن بئر تبعد عن القرية بحوالي 2كم، كما وجد بعشم بعض العملات ضرب بعضها بالمحمدية والآخر بصنعاء مما يدل على بعد ارتباط هذه القرية تجارياً. ولم تكن عشم مجهولة من قبل فهي منطقة تعدين مشهورة ربما من قبل الإسلام واستمرت تعج بالحياة إلى مشارف القرن السادس وقد ذكرها العديد من المؤرخين منهم: الهمذاني في الجوهرتين (وأما المعادن المعلومة فمعدن عشم من أرض كنانة وأحسبه ينسب إلى عشم بن قضاعة لأنه يقال (معدن عشم) وذهبه أحمر جيد يأتي رطله بعيار العلوي مئة دينار وأربعة دنانير مطوقة وهو جيد غزير. وهناك مؤلف للباحث حسن الفقيه عميد كلية المعلمين بالقنفذة سابقا يحمل اسم (مخلاف عشم) قدم فيه دراسة مستفيضة عن الآثار وبخاصة النقوش ويعتبر بحق المرجع الوحيد الذي تعود إليه عند رغبتنا الوقوف على آثار عشم. بحكم وعورة طريق عشم إلا أنه تعتبر مجهولة من أقرب المجاورين لها هي بحاجة إلى تعبيد الطريق الموصل إليها لتقوم بدورها الثقافي والسياحي لا سيما ان المنطقة الواقعة فيها تعتبر في فصل الشتاء متنفساً للزوار والمصطافين من المناطق المجاورة لها. وانضمام عشم كموقع أثري لهيئة السياحه سيحقق لها الكثير من تطلعاتها لتضطلع بدورها.