ذهبت برفقة الأهل لشراء بعض الاحتياجات الضرورية للمنزل من كبرى محلات السوبر ماركت المعروفة بمدينة الرياض وعند الانتهاء من الشراء توجهت إلى المحاسب لدفع المبلغ، حينها تفاجأت بأن المبلغ الإجمالي المطلوب لقيمة تلك المشتريات قد أثار الدهشة فلم أكن أتصور إطلاقاً أن تصل الأسعار إلى هذا الحد غير المعقول!!، فقد تضاعفت إلى النصف تقريباً!، وفوراً قمت باستفسار المحاسب عن سبب تلك الزيادة المبالغة لربما يكون الحساب خطأ غير مقصود، والذي رد على استفساري بقوله: لا بل قيمة فاتورة مشترياتك صحيحة 100%، لكن تلك الزيادة التي طرأت حديثاً والتي تضجر منها الكثير من المواطنين من قبلك قد بدأت مؤخراً بسبب غلاء الأسعار بفعل التضخم الذي حل علينا فجأة مثل الكابوس المخيف وبدون سابق إنذار. يعرف التضخم بأنه الارتفاع المتزايد في أسعار السلع الإستهلاكية، ويعد هذا التعريف من أبسط أنواع التعريفات للتضخم، حيث توجد تعريفات أخرى ولكن هذا التعريف يعد أكثر وضوحاً من وجهة نظر المستهلك. ومن أنواع التضخم الآتي: 1- التضخم الأصيل: يتحقق هذا النوع من التضخم حين لايقابل الزيادة في الطلب الكلي وأيضاً زيادة في معدلات الإنتاج، مما ينعكس أثره في ارتفاع الأسعار. 2- التضخم الزاحف: يتسم هذا النوع من أنواع التضخم بارتفاع بطيء في الأسعار. 3- التضخم المكبوت: وهي حالة يتم خلالها منع الأسعار من الارتفاع من خلال سياسات تتمثل بوضع ضوابط وقيود تحول دون اتفاق كلي وارتفاع الأسعار. 4- التضخم المفرط: وهي حالة ارتفاع معدلات التضخم بمعدلات عالية يترافق معها سرعة في تداول النقد في السوق، وقد يؤدي هذا النوع من التضخم إلى انهيار العملة الوطنية، كما حصل في كل من ألمانيا خلال عامي 1921م و 1923م وفي هنغاريا عام 1945م بعد الحرب العالمية الثانية. @ وللتضخم آثار اقتصادية كبرى سواء في التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية والتي من ضمنها: 1- ارتفاع الأسعار والكتلة النقدية المتداولة: يترتب على ارتفاع معدلات التضخم ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية وإن أولى الفئات المتضررة بهذا الارتفاع هم أصحاب الدخول المحدودة، فضلاً عن وجود كتلة نقدية كبيرة متداولة في السوق وقد تكون هذه الكتلة محصورة بين أيدي مجموعة صغيرة لا تشكل إلا نسبة ضئيلة جداً من إجمالي عدد السكان، مما يعكس آثاره الاقتصادية السلبية على المستويات المعيشية للسكان. 2- ازدياد معدلات التضخم يؤدي إلى خفض القيمة الشرائية للنقد مما يؤدي إلى زيادة الطلب على رؤوس الأموال لتمويل المشروعات المقترحة وبالتالي تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة. 3- يتأثر العمر الاقتصادي للمشروعات (الاستثمار بوجه عام). 4- الحد من الصادرات إلى الأسواق الدولية. إن ازدياد معدلات التضخم يؤدي إلى انخفاض القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية في الأسواق الدولية وهذا يسبب زيادة المدفوعات مقابل انخفاض الإيرادات بالتالي حصول عجز في الميزان التجاري. 5- يؤدي التضخم إلى زيادة أسعار الفائدة وتبعاً لذلك تزداد أرباح منشآت الأعمال، وتنخفض هذه الأرباح بانخفاض معدلات الفائدة، حيث يتم تمويل الموجودات بإصدار سندات مديونية، في حين لا تسري هذه الخصائص في عدد من المشروعات الصناعية في الاقتصاديات ذات التضخم المنخفض، بل يحصل ذلك في الاقتصاديات ذات المعدلات العالية للتضخم، إذ يسبب ارتفاع التضخم ارتفاعاً في الإيرادات ومعدلات الفائدة، وهي معدلات ليست حقيقية لو تم معالجتها وإعادتها إلى الأسعار الثابتة. وإذا تحدثنا عن الأسباب الحقيقية لارتفاع قيمة المواد الاستهلاكية فيمكنني القول إن من أهمها الآتي: 1- ارتفاع سعر برميل النفط والذي اقترب من حاجز ال 100دولار، حيث ترتب عليه ارتفاع قيمة الواردات العامة من منتجات غذائية وخلافه، ناهيك عن قيمة أسعار الشحن. 2- والاهم من ذلك ارتباط الريال السعودي بالدولار الضعيف الذي لا يزال يواصل هبوطه الحاد مقابل العملات الأخرى، مما ترتب عليه ارتفاع تلك المنتجات المستوردة للمملكة. 3- جشع بعض كبار التجار والموردين. تلك الأسباب الرئيسة في ارتفاع قيمة المواد الاستهلاكية التي تعتبر مشكلة حقيقية يعاني منها المواطنون خصوصاً ذوي الدخل المحدود، لن أتحدث عن السبب الأول طالما أن ارتفاع سعر النفط يعتبر إيجابياً جداً لاقتصادنا الوطني ومصدر خير لمملكتنا الحبيبة، أما السببان الآخران واللذان يعتبران السلبيتين لا بد من إيجاد حل لهما، ولنبدأ بدولة الكويت فقد اتخذت خطوة جريئة وموفقة في فك ارتباط عملتها بالدولار والذي ترتب عليه ارتفاع عملتها لأكثر من 20% خلال فترة وجيزة. أما الامارات العربية المتحدة فهنالك مشاورات في فك ارتباط عملتها بالدولار لأن الدولار في انهيار مستمر بات من الضروري اتخاذ إجراءات فك العملة وارتباط الدرهم الإماراتي بسلة عملات أخرى. إن تلك الزيادة أضرت الكثير من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة والمصلحة العامة تستدعي جدياً فك ارتباط الريال بالدولار حتى تخفض معدلات التضخم بشكل مقبول حان الوقت لفك ارتباط الريال بالدولار. وأخيراً نلاحظ أن بعض التجار استغلوا فرصة ضعف الرقابة المحلية في رفع قيمة تلك الأسعار المنتجات الاستهلاكية دون رادع أو حسيب، وهنا يأتي دور وزارة التجارة والصناعة ممثلة في حماية المستهلك في فرض الرقابة الصارمة والمستمرة على تلك المنتجات للحد من ارتفاعها المبالغ للحفاظ على حقوق المواطنين وحمايتهم من التلاعب في الأسعار. @ باحث هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج