تسعى الولاياتالمتحدة الأميركية إلى الضغط على سعر الدولار عالميا للخروج من تبعات الأزمة وجعل الصادرات الأميركية أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، مما سيؤدي إلى خفض سعره إلى أقل درجة ممكنة. ويشكل تراجع سعر الدولار أمام العملات الدولية، عاملاً في زيادة التضخم في الاقتصاد المحلي بسبب ارتباط الريال بالدولار، الذي سيتسبب في انخفاض سعره وارتفاع فاتورة مستوردات المملكة من الخارج، وبالأخص من الأسواق الأوروبية واليابانية والصينية حيث تشكل نسبة مستوردات المملكة من هذه الأسواق الجزء الأكبر مما ينعكس على ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية وارتفاع معدل التضخم، وزيادة الأعباء على المواطنين والاقتصاد. واقترح اقتصاديون أن يتم رفع قيمة الريال مقابل الدولار بدلا من فك الارتباط ويمكن ان يتم فك الارتباط وربط الريال بسلة عملات لنصل الى تقييم حقيقي للريال. في البداية يؤكد المستشار الاقتصادي الدكتور خالد الحارثي ان الوضع الاقتصادي الحالي وبداية حرب العملات المتوقعة هو نتاج الازمة الاقتصادية العالمية التي اضعفت الاقتصاد الأمريكي، مشيرا الى أن نتائج المحاولات التي قامت بها امريكا بعد خفض الفائدة لدعم الاقتصاد لم تكن مرضية وإن كانت قد خففت من وطأة الأزمة. واضاف الحارثي أن ربط الريال بالدولار قضية جدلية ظهرت عندما بدأ الدولار يفقد قيمته ولها اكثر من رأي، ولا يمكن ان نغفل تقييم النفط بالدولار الذي نعتمد عليه بنسبة 90% وبالتالي هناك فرائد ايجابية لهذا الربط. وأكد أن الوضع الحالي يحتاج الى رفع قيمة الريال أمام الدولار وهو الخيار الانسب في هذا الوقت لوجود احتياطيات ضخمة للمملكة في المصارف العالمية وبالتالي الوضع مهيأ للاقدام على هذا التغير. واشار الحارثي الى ان الوضع الحالي يصب في صالح المنتجات البتروكيماوية السعودية التي شهدت زيادة في الطلب لجاذبية الأسعار العالمية نتيجة انخفاض قيمة الدولار، موضحا أن هناك مطالبات امريكية للصين بتعديل وضع قيمة عملتها لان هذه الحرب ستنعكس سلبيا على الاقتصاد العالمي وسيتضرر الجميع منها، والولاياتالامريكية تخشى على عملتها ان تصبح بدون قيمة. د. حبيب الله تركستاني ويؤكد استاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حبيب الله تركستاني أن استمرار ربط الريال بالدولار سيؤدي الى ارتفاع أسعار السلع والخدمات وانعكاسات سلبية على الحياة المعيشية للمواطن. ويضيف: المطلوب الآن هو التفكير في عملة خليجية وفق إستراتيجية تضمن حلول مستقبلية للحفاظ على حقوقنا الاقتصادية، وهذا الامر لن يلومنا عليه احد لأننا نعمل على حفظ مصالحنا كما فعلت بعض الدول الاخرى وعلينا التفكير جديا في إتمام العملة الموحدة، وان نتوقع تكرار هذه الأمور مستقبلا. ويطالب تركستاني ان لا نكون ردة فعل فقط، وينبغي أن نقيم تجربة الدول التي فكت ارتباطها بالدولار والانعكاسات التي ترتبت عليها سلبا وايجابا، ومن ثم نخوض التجربة ونقبل بنتائجها او ان نحجم عن الفكرة كليا. من جهته يقول المستشار الاقتصادي الدكتور علي دقاق: في فترات سابقة كنا نصر على ربط الريال بالدولار لاسباب اقتصادية تتمثل في العملة الخليجية الموحدة ولكن بعد تأجيل العملة الخليجية، نحتاج الى اعادة النظر في هذا الربط، خاصة أن انخفاض الدولار غير مدعوم بزيادة في انتاجية الولاياتالمتحدةالامريكية مما افقد تنافسية صادراتها. ويضيف دقاق: نحن نعتمد على صادرات النفط بنسبة 85% و13% على البتروكيماويات وهذا لا يعطينا أي ميزة من انخفاض قيمة الدولار، بل يجعلنا نخسر مرتين لان تجارتنا مع اوروبا واليابان تشكل 75% فحن نخسر من انخفاض القيمة ومن تحويل الصرف. واشار دقاق الى أن الانتاج منخفض والدعم الذي قدم من البنوك المركزية لم يثمر لان الاقراض ما زال كما هو عليه ولم تستفد منه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث تمت علميات استحواذ وليس خلق فرص، وبالتالي نحن ندور في حلقة مفرغة من النشاط الاقتصادي ومن المفترض التنبه لها في قمة العشرين المقبلة. وتوقع دقاق ان يستمر الوضع الاقتصادي على هذه الحالة لمدة 4 أو 5 سنوات قادمة اذا استمر الوضع كما هو دون حلول مما سيترتب عليه مشاكل اقتصادية اكبر.