جاء صدور نظام الاستثمار المحدث امتداداً لاهتمام الدولة المستمر بالتطوير التشريعي لما تمثله التشريعات من أهمية كبيرة في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، وحدث لافت ونقلة نوعية وإضافة مهمة لمنظومة التشريعات المتعلقة بالاستثمار وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وتحسين البيئة الاستثمارية وفق أفضل الممارسات العالمية إضافةً إلى توليد المزيد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة ورفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، مما يسهم في تنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، كما سيسهم هذه النظام المحدث في ضخ المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية في المناطق الأقل نمواً ومن ثم تعزيز التنمية المتوازنة بين المناطق. ويستهدف هذا النظام كما ورد في المادة الثانية منه إلى تطوير وتعزيز تنافسية البيئة الاستثمارية في المملكة والمساهمة في التنمية الاقتصادية وخلق الفرص الوظيفية عن طريق توفير مناخ استثماري جاذب للاستثمارات، ووفقاً لما تقضي به الأنظمة ذات العلاقة، ومن ذلك: 1- تسهيل تأسيس الاستثمار، وتملك الأصول فيه، والتخارج منه أو تصفيته. 2- ضمان حقوق المستثمر وتعزيزها. 3- ضمان المساواة في المعاملة بين المستثمر المحلي والأجنبي. 4- ضمان توفير إجراءات شفافة وفعالة وعادلة للمستثمر واستثماره. 5- دعم مبدأ الحياد التنافسي والإنصاف وضمان تكافؤ الفرص في معاملة الاستثمار. كما اشتمل النظام المحدث على منظومة من التعديلات الممكنة والمحفزة للاستثمار، من أبرزها أنه شمل تعريف المستثمر في النظام المحدث المستثمر المحلي والأجنبي، بخلاف نظام الاستثمار الأجنبي الذي ينظم أحكام المستثمر الأجنبي فقط، ويقصد بالمستثمر المحلي أي شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية يقوم بالاستثمار، ويتمتع بالجنسية العربية السعودية، ويعد المستثمر الأجنبي أي شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية يقوم بالاستثمار، ولا يعد مستثمرًا محليًّا وفقًا لأحكام النظام. كما أن تعريف المستثمر في النظام المحدث أكثر شمولًا، حيث يشمل المستثمرين المحليين والأجانب، على عكس نظام الاستثمار الأجنبي السابق الذي كان يشمل المستثمرين الأجانب فقط. وأصبح مفهوم رأس المال أكثر دقة وشمولية فعرفه بأنه أي أصل له قيمة مادية نقدية أو عينية أو معنوية؛ وفقاً لما تحدده اللائحة، ويشمل على الأخص الآتي: أ- الأسهم والحصص في الشركات. ب- الحقوق التعاقدية. ج- الأصول الثابتة أو المنقولة. د- حقوق الملكية الفكرية. ه- الحقوق الممنوحة بموجب نظام من تراخيص أو تصاريح أو ما في حكمهما، كما استثنى صراحة من نطاق تعريف رأس المال القروض والسندات والصكوك التمويلية وأدوات الدين العام والخاص مما يعني أن الاستثمارات في مثل هذه الأدوات خارج نطاق نظام الاستثمار المحدث. كما حذفت عبارة (الأجنبي) ليكون رأس المال شاملًا للمحلي والأجنبي. واستحدث نظام الاستثمار المحدث آلية التسجيل فاستبدل إجراءات الترخيص بالتسجيل لإضفاء المرونة في الإجراءات للمستثمرين. كما استحدث المحفزات الاستثمارية فأورد النظام إمكانية منح المحفزات الاستثمارية وعرفها بأنها ما يقدم للمستثمر من مزايا أو تسهيلات أو استثناءات لتشجيعه على الاستثمار؛ وذلك وفقًا للأحكام النظامية ذات العلاقة. كما سمح النظام للمستثمرين اللجوء للوسائل البديلة لتسوية المنازعات كالتحكيم والوساطة والمصالحة. وامتد نطاق تطبيق النظام المحدث ليشمل بالتطبيق المستثمرين المحليين والأجانب. وقد اشتمل النظام على منظومة متكاملة من الأحكام التي تكفل توفير إطاراً قانونياً شاملاً ومرناً. وبموجب المرسوم الملكي رقم (م/19) وتاريخ 16 /01/ 1446ه، الذي صدر به هذا النظام، يقصد بالجهة المختصة اللجنة الوزارية الدائمة لفحص الاستثمارات الأجنبية المشكلة بالبند (أولاً) من قرار مجلس الوزراء رقم (83) بتاريخ 30 /1/ 1443ه. وتعد وزارة الاستثمار اللائحة التنفيذية للنظام بعد التنسيق مع من تراه من الجهات ذات العلاقة، وتشترك وزارة الطاقة في إعداد الأحكام المتعلقة بالمادة (السادسة) والفقرتين (3) و(4) من المادة (السابعة) من النظام. ومن المقرر أن تصدر هذه اللائحة خلال مائة وثمانين يوما اعتبار من تاريخ 6-2-1446ه الموافق 11-8-2024م وهو تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، وأن تتضمن جميع الأحكام التفصيلية اللازمة لتنفيذ هذا النظام بشفافية تامة وفعالية كبيرة. وختاماً، يمكن القول إن المملكة العربية السعودية مستمرة بالسير وفق خطوات جادّة ومثمرة لتطوير البيئة التشريعية في جميع المجالات بما يواكب رؤية السعودية 2030 وتحقيق أهدافها ومبادراتها، من خلال منظومة تشريعية عصرية تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية، وتعزز النزاهة ومكافحة الفساد وتعزّز تنافسية المملكة عالمياً وتحسن البيئة الاستثمارية وتشجع الاستثمار المحلية والأجنبية. ويشار بالبنان إلى جهود وزارة الاستثمار الموفقة في تنظيم الاستثمار (المحلي والأجنبي) وتنميته، والنهوض بمقوماته، وتشجيعه وحماية المستثمرين واعداد هذا النظام التي راعت عند إعداده مشاركة الجمهور عبر طرحه لاستطلاع مرئيات العموم ومشاركة العديد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص وعقدت العديد من ورش العمل مع المنظمات الدولية لضمان توافقه مع أفضل الممارسات الدولية. د. فيصل بن منصور الفاضل