الكل قد سمع عبارات وكلمات أو جمل عادية من وجهة نظر غيره، وربما أقل من العادية، ولكنها بقيت في الذاكرة لديه، استطاعت فرض نفسها فأخذت مساحة من ذاكرته وربما زاحمت ما هو أهم منها. الكل منا يحفظ ويحتفظ في ذاكرته إما ببيت شعر أو قصيدة أو قصة سمعها منذ طفولته أو منذ عشرات السنين لم تمسح الأيام رغم تعاقبها شيئا منها. تساؤل يخطر على بال كل منا لماذا؟ وكلنا نملك لهذا التساؤل إجابتين: الأولى: أن ما نحتفظ به في الذاكرة وافقت مضامينه حاجتنا عند سماعها، وبمعنى أوضح، وافقت قلبا فارغا فتمكنت منه، وهذا التمكن إيجابيا أو سلبيا، فالذاكرة تحتفظ بها لجمالها وقيمتها وقبولها أو لسوئها وشناعتها وشدة رفضها، لا فرق. والأخرى: أن ما تلقيناه يستحق أن يبقى فكل منتج في وقته أقل منه، أما لماذا يستحق فلأن مضامين بعض القصائد والأبيات قالها الشاعر من واقع ومن مشاعر صادقة وليست من خيال ورؤية افتراضية. ومن يتناول الواقع والمشترك الإنساني الذي يعيشه معظم الأفراد يجد قبولا وتفاعلا باعتباره تعبيرا عن مشاعرهم وأحاسيسهم، وجزء منهم وقد تعايشوا معه، بعكس ما لو كان التعبير عن خيال وأوهام. ولهذا السبب فالبيت الواحد من الشاعر قد يعلق في الذاكرة الاجتماعية قرونا، وفي المقابل من الممكن أن تمسح قصيدة كاملة من الذاكرة الاجتماعية أو تنقل مشوهة لعدم الاهتمام بمضامينها. ولا غموض أو غرابة، فالشواهد على ذلك كل ما قيل في الماضي حيث نجد أبياتا لشعراء من قرون مضت يستشهد بها الآن أو يضرب بها المثل، سواء فصيحة أو شعبية، والعكس قصائد في طي النسيان أو على وشك، لم يعد لها راويا يرويها على حقيقتها التي قالها الشاعر وذلك لزهد المتلقي فيها ومن ثم نسيانها و نسيان المتلقي والراوي بعض مفرداتها و أبياتها ومعانيها بسبب الانقطاع عنها وتهميشها. يقول الشاعر راشد الخلاوي، -رحمه الله-: يقول الخلاوي الذي ما يكوده جديد البنا من غاليات القصايد قصايد لابد الملا تستفيدها لأمسى غريم الروح للروح صايد لعل الذي يروونها يذكرونني بترحيمة تودع عظامي جدايد واوصيك ياولدي وصاة تضمها إلى عاد مالي من مدى العمر زايد وصية عود ثالثت رجله العصا وقصرت خطاه اللي من اول بعايد وصية عود زل حلو شبابه وعانيه بالدنيا وعانيك واحد يبديك بالغالي على شف نفسه شفوق من أيام الرضا عنك ناشد لاتاخذ الهزلا علشان مالها ولاتقتبس من نارها بالوكايد لاتاخذ الا بنت قوم حميده عسى ولدها لك يجيب الحمايد يجزى عمل راعي الحساني بمثلها ويجزى عمل راعي النكد بالنكايد ولاتتقي في خصلة مابها ذرى ولاتنزل الا عند راعي الوكايد ولاتسفه المنيوب لاجاك عاني اياك ياولدي ومطل الوعايد أبيك تسوي بي سواتي بوالدي وأنت على مثلي من الناس زايد فلي من قديم العمر نفسٍ عزيزة أعض على عصيانها بالنواجد فياطول ماوسدت راسي كدادةً من خوفتي يعتاد لين الوسايد فمن عود العين الرقاد تعودت ومن عود العين المساري تعايد ومن عود الصبيان من زاد بيته عادوه في عسر الليال الشدايد ومن عود الصبيان ضرب بالقنا نخوه نهار الكون يابا العوايد ومن تابع المشراق والكن والذرى يموت ماحاشت يديه الفوايد الايام ماباقى بها كثر مامضى والأعمار ما اللي فات منها بعايد نعد الليالي والليالي تعدنا والأعمار تفنى والليالي بزايد الى دقت الوسطى بالأبهام تذكرت زمان مضى ماهو لمثلي بعايد فلابد ماسحم الضواري تحوفني بليل ولالي عن لقاهن بزايد ومن سرته الأيام ينقاد حبله وينقض في حبل الذي ما تساعد قولوا لبيت الفقر لايامن الغنى وبيت الغنى لايامن الفقر عايد ولايامن المضهود قوم تعزه ولايامن الجمع العزيز الضهايد وواد جرى لابد يجري من الحيا إن ماجرى عامه جرى عام عايد وصلوا على خير البرايا محمد ماناح ورق فوق حدب الجرايد فياطول ماوسدت راسي كدادةً قولوا لبيت الفقر لايامن الغنى