يقول الخلاوي والخلاوي راشد وهو قاعد يبني جديد القصايد قصايد لابد الملا تستفيدها لا مسى غريم الروح للروح صايد لعل الذين يروونها يذكروني بترحيمة تودع عظامي جدايد وأوصيك يا ولدي وصاة تضمها إلى عاد مالي من مدى العمر زايد وصية عود ثالثت رجله العصا وقصرت خطاه اللي من أول بعايد وصية عود زل حلو شبابه وعانيه بالدنيا وعانيك واحد يبديك بالغالي على شق نفسه شفيق من ايام الرضا عنك ناشد لا تاخذ الهزلي على شان مالها ولا تقتبس من نارهم بالوقايد لا تأخذ إلا بنت قوم حميده عسى ولد منها يحوش الحمايد يجزي عمل راعي الحساني بمثلها ويجزي عمل راعي النكد بالنكايد ولا تتقي في خصلة ما بها ذرا ولا تنزل إلا عند راعي الوكايد ولا تسفه المنيوب إلى جاك عاني إياك يا ولدي ومطل الوعايد أبيك تسوي بي سواتي بوالدي وأنت على غيره بمثلي وزايد فلي من قديم العمر نفس عزيزه أعض على عصيانها بالنواجذ قد أوزمتها ما كاد خوف إلى بدا علي من أيام الردى لا تعاود ويا طول ما وسدت راسي قتاده من خوفتي يعتاد لين الوسايد فمن عود العين الرقاد تعودت ومن عود العين المساري تعاود نسب الشاعر وعصره: هو أبو محمد راشد الخلاوي العجلاني عاش القرن الثامن الهجري ومطلع القرن التاسع الهجري اشتهر بصحبته لمنيع ابن سالم أحد أمراء آل مانع من بني عصفور من بني عقيل. دراسة النص: هذه الأبيات التي بين يدينا من قصيدة دالية للخلاوي اعتاد الرواة والمدونون أن يخلطوا بينها وبين قصائد أخرى لنفس الشاعر ويعتبرونها قصيدة واحدة، فنجد أنها جاءت عند الربيعي وابن خميس في خمسة وتسعين بيتاً، وبالتمعن فيها نجدها عبارة عن ثلاث قصائد متشابهة في الوزن والقافية ومختلفة في الغرض، فالقصيدة الأولى يوصي فيها ولده بعد أن كبر سنه، والقصيدة الثانية يذكر منيع بن سالم وقد ذهب نحو شمال الجزيرة العربية والقصيدة الثالثة تختص بمعلومات فلكية ليس بينها وبين سابقاتها رابط سوى القافية والبحر، وبهذا الخلط جاءت في مخطوط فهد الصويغ ثمانية وستين بيتاً، وبلغت عند الكرملي أربعين بيتاً فقط، إلا أنها جاءت عند البرت سوسن كقصيدة واحدة فقط يذكر منها منيع ابن سالم دون الوصية ودون مواقيت الزراعة وتمتاز بالترابط وتسلسل الفكرة وتبلغ ثمانية وخمسين بيتاً.. واختلاف المطلع من مخطوط لآخر يؤيد ما ذهبنا إليه في تعدد القصائد وفي قصيدة الوصية التي بين يدينا اعتمدت المطلع كما جاء عند الصويغ وهو أقدم من الكرملي والربيعي وابن خميس. المعنى: يحضر في القصيدة وبشكل قوي النصح الصادق وبلسان المودع، حيث استهل قصيدته مبيناً انه سيأتي يوم وتستفيد الناس من هذه القصائد بعد أن يكون مات ويروج أن رواتها يترحمون عليه في قبره (رحمه الله) ثم يدخل مباشرة في غرض القصيدة وهو الوصية وموضحاً الأسباب التي دعته لذلك من كبر السن وإحساسه بدنو الأجل والحرص على ابنه في اختيار الزوجة وأن لا ينظر للمال كعامل مرجح في الاختيار، وإنما يبحث عن الزوجة الصالحة من المنبت الطيب ليأتي ولده منها صالحاً فمن يقدم الجميل يجده ومن يقدم الإساءة يجدها وكأنه يكنى عن حسن الاختيار فهو كجميل يقدمه الوالد لولده في اختيار صفاته الطيبة من خلال حسن اختيار والدته من المنبت الطيب كزوجة، بينما من يسيء الاختيار فكأنه يسيء لولده بصفات سيئة نتيجة اختيار والدته من منبت غير طيب فلا يتوقع أن يأتي ابن صالح طيب، ثم ينهاه عن مجاورة من لا يستطيع حماية جواره، وإنما يبحث عمن يحفظ الجوار، ويحذره من أن لا يهتم بمن جاء قاصداً له في حاجة وإياه ان يعد ولا يفي بوعده، ثم يطلب من ابنه أن يعامله كما عامل والده فقد كان يخالف هوى نفسه ويعودها على تحمل المشقة وصعوبة العيش حتى إذا ساءت الأيام لم يجدها تطلب اللين والدعة فالإنسان على حسب ما اعتاد. وتراثنا نجد اختيار الزوجة الصالحة عند العرب له الأولوية دائماً ويأتي في هذا السياق أبياتاً جاءت في "مخطوط ابن يحيى لباب الأفكار" قالها أحد كبار السن مخاطباً ولده والذي يظهر انه كثير السفر ويتغيب عن والده تاركاً لزوجاته رعايته فلم يحسنها، وجاء في تقديم الأبيات (رجل وولده يشكي نساء ولده): ألا يا ولدي وان غبت عني جفني خبيثات نقاضات عهد الوثايق اريتك بعد زدت المواطي بثالث وادبحت كني في قليب موايق ابيك اتوصيبي بحي يروف بي حفي إلى ما يلحق العمر عايق فرد الابن على والده: علامك كفيت النار ضيقت خاطري بقولك كني في قليب موايق ما دمت حي لك على رأس مرقب طويل الذرا عسر على كل وايق دينتني دين وأنا ميسر به وكل فتى ما يوفي الدين بايق وتذكر الروايات أن الابن طلق زوجاته وبدلهن بمن يحسن معاملة والده: نسأل الله تعالى أن لا يحرمنا بر والدينا.