أدت الحرب الإسرائيلية على فلسطين في 7 أكتوبر إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم عبر الممرات البحرية العالمية، فعندما اشتدت هذه الحرب ضراوة بقصف المستشفيات والمدنيين زادت المخاوف من تمدد رقعة النزاع لتشمل دولا أخرى، ولو حدث ذلك سيكون له انعكاسات خطيرة على أسواق النفط وسيقود إلى المزيد من ارتفاع الأسعار مع احتمالية تعرض إمدادات النفط للاستهداف المباشرة أو توقفها، وهذا ما زاد من قلق المتداولين في عقود النفط الآجلة بشأن ارتفاع معدل المخاطرة وارتفاع العلاوة في ظل فشل الدبلوماسية لتوصل إلى حل يوقف هذه الحرب ويحد من تمددها. ولهذا ارتفعت أسعار النفط في وقت مبكر من صباح الجمعة بعد اعتراض سفينة حربية أميركية في البحر الأحمر لثلاثة صواريخ أطلقت من اليمن الخميس الماضي، حيث وصل غرب تكساس إلى ما فوق 90 دولارًا بينما وصل برنت إلى 93.44 دولارًا، مما أضاف إلى مخاوف تصاعد التوترات في الشرق الأوسط. وهذا رفع علاوة المخاطرة في النفط مرة أخرى وبذلك سيظل النفط عرضة للمزيد من الارتفاعات وعدم الاستقرار في ظل التصعيد الحالي وارتفاع مخاطر نقص المعروض، لكن تراجع أسعار النفط في نهاية تداول يوم الجمعة أعطى إشارة إيجابية عن احتمال عدم اتساع نطاق هذه الأزمة الجيوسياسية إلى مناطق تصدير النفط. ووصل برنت إلى أعلى مستوى له يوم الخميس عند 92.38 دولارًا وغرب تكساس عند 88.37 دولارًا قبل أن تتراجع في اليوم التالي، وخلال الأسبوع ارتفع برنت 1.4 % أو 1.27 دولار إلى 92.16 دولارًا وغرب تكساس 2 % أو 1.73 دولار 88.08 دولارًا، مدعوماً بتراجع مخزونات النفط التجارية الأميركية بمقدار 4.5 ملايين برميل ومخزونات البنزين بمقدار 2.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 13 أكتوبر 2023، كما سجلت مخزونات كوشينغ أدنى مستوى لها منذ عام 2014 عند الى20.7 مليون برميل، وإعلان وزارة الطاقة الأميركية بأنها ستشتري 6 ملايين برميل من النفط لصالح الاحتياطي النفطي الاستراتيجي عند سعر 79 دولارًا للبرميل أو أقل في ديسمبر ويناير. ومهما حاولت الولاياتالمتحدة تخفيف وطأة الحرب على أسعار النفط برفع الحظر عن بيع وتصدير النفط والغاز الفنزويلي حتى 18 أبريل 2024، فلن يجدي نفعا. فما زال إنتاج فنزويلا من النفط لا يتجاوز 800 ألف برميل يوميًا، فما زالت تحتاج إلى استثمارات كبيرة ووقت كافٍ لإنتاج المزيد من النفط ليصل إنتاجها إلى 1.1 مليون برميل يومياً بحلول عام 2024. كما أن تشديد أميركا للعقوبات على صادرات النفط الإيرانية التي تبلغ 2 مليون برميل يوميا غير محتملة في ظل شح المعروض العالمي وارتفاع أسعار النفط. ورغم الأزمة الجيوسياسية، إلا أن أسواق النفط ما زالت تتلقى أخبارا اقتصادية جيدة على جانب الطلب، حيث أظهرت بيانات رسمية يوم الأربعاء نمو الاقتصاد الصيني بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثالث بمعدل سنوي 4.9 ٪ في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وهو أفضل مما كان يتوقعه الاقتصاديون، كما جاءت مبيعات التجزئة الأميركية أعلى من المتوقع في سبتمبر واحتمالية عدم رفع الفدرالي الاحتياطي سعر الفائدة في 2 نوفمبر في إشارة من رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأربعاء الماضي. ومن المتوقع أن تستمر السعودية وروسيا في الخفض الطوعي حتى نهاية العام، إذا لم تتجاوز أسعار النفط 100 دولار لفترة أطول.