من الأشياء التي تسعدني في هذه الحياة هي قربي من الشيخ أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، ومجالستي له، فهو أكبر من أن يُوصف بالعلامة لأنه عالم موسوعي، وقد جمع إلى العلم الشرعي الكتابة في الأدب، من خلال ممارسة الكتابة الصحفية التي لم ينقطع عنها أبداً، وكانت وما زالت مقالاته زاداً لكل من أراد أن يستمتع بالتجارب الأدبية الأصيلة. وقراءة كتابه تباريح التباريح، وأجد اليوم نفسي عاجزاً عن وصف سعادتي بفوز الشيخ أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري بجائزة "شخصية العام الثقافية" برعاية كريمة من سمو ولي العهد نظير إسهاماته الأدبية والثقافية الكبيرة التي بذلها على مدى سنواتٍ طويلة في الميدان الثقافي، وأصدر مجموعةً من المؤلفات الأدبية والثقافية الثريّة في مختلف المجالات كاللغة والأدب والفلسفة والفن وعلوم الشريعة والتاريخ، وقد حضرت حفل التكريم الذي أبهر بتنظيمه جميع الحاضرين، وحاز إعجابهم بتلك الجهود الجبارة التي تبذلها وزارة الثقافة برعاية معالي وزير الثقافة، والتي لها تأثير كبير في تكريس الثقافة كنمط حياة، وتعزيز مكانة المملكة على الساحة الثقافية العربية والعالمية، كما تشكل دعماً لتحقيق رؤية المملكة 2030م. وقد سبق للشيخ أبي عبد الرحمن أن فاز بشخصية العام الثقافية بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» في دورته ال30 عام 1437ه، وتسلم حينها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، تقديراً لما قدمه من علم وعمل وتعلم وتعليم ومنهج ونهج معرفي موسوعي كبير، إلا أنه تخلف اليوم عن تكريمه لظروف صحية طارئة نسأل الله له السلامة منها والعافية، وطول العمر. والشيخ - حفظه الله - من مواليد الغالية مدينة شقراء عام 1357ه، واسمه هو: محمد بن عمر بن عبد الرحمن العقيل، واشتهر بالظاهري نسبة إلى مذهب الأخذ بالظاهر والاكتفاء به، وهو مذهب جملة من المحدثين من أهل السنة والجماعة. وقد تلقى تعليمه الابتدائي بشقراء، وحصل بعدها على شهادة الثانوية العامة من معهد شقراء العلمي. ثم درس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتخرج من كلية الشريعة، وواصل تعليمه العالي في المعهد العالي للقضاء في مدينة الرياض، حيث نال درجة الماجستير في علم التفسير. يمتلك الشيخ مسيرة عملية مميزة، وبها محطات بارزة، فقد عمل موظفاً في إمارة الدمام، ثم موظفاً بديوان الموظفين العام (ديوان الخدمة حالياً) ثم مديراً للخدمات برئاسة تعليم البنات، ثم مستشاراً شرعياً بوزارة الشؤون البلدية والقروية، ورئيساً للنادي الأدبي بالرياض. أما عن مؤلفاته فهي أكثر من أن تُحصى إذ طُبع له أكثر من خمسة وثلاثين كتاباً، في شتى أمور المعرفة، ومنها كتاب مميز بمجال الإيمان والاعتقاد بعنوان: (لن تلحد) يقوي به إيمان الفرد بالكثير من حجج العقل. وكذلك كتابه ذائع الصيت بعنوان: (ليلة في غاردن سيتي) وهو ناتج مناظرة بينه وبين عبدالله القصيمي لخصها في كتاب. أما عن صفاته وعلمه فحدث ولا حرج، وقد وصفه بعض تلامذته بأنه: بحر لا تكدِّره الدِّلاء، وحجة في التفسير، وكذا في الأدب والمنطق والشعر والتأريخ والأنساب، وهو كما يقولون: عجيب في الفهم والذكاء وسعة العلم، وفي إلقاء الدرس، كما أنه صاحب ذهنٍ ثاقب وحدْسٍ صائبٍ، عذب المنطق، كريم الشمائل، وكامل السُّؤدُد، لا يَملُّ جليسُه منه، متواضعاً ذا فضائل جمة. وهذه أشياء خبرتها بنفسي من مجالستي له، وقد تشرفت بأن قدم وعلق على كتابي: الطريق إلى شقراء في طبعته الاولى، فضلاً عن علمه الغزير الذي أنهل منه كلما التقيته، وهو مثال للزهد والورع في الدنيا، فهو متجه للعلم ومنكب عليه، ولا يسعى من ذلك إلى غرض دنيوي وإنما يرجو رضا الله عز وجل. محمد عبدالله الحسيني