قال العلامة أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهريّ: «من البديهي أن الإنسان يتقلّب بين غرارة الصبا، وفتوة الأشد، وسعة الرزق.. وبين أضدادهن من الضعف والفقر»، مردفًا في هذا السياق: «لن أحاول الإحاطة بالكتابة عن الرثاء بشكل عام؛ ولكن سأحاول أن أتحدث عن نوع من شعر الرثاء استأثر على فكري وقلبي؛ وهو شعر (رثاء النفس) خصوصاً أنه من الشعر الذي يستدر الدموع من المآقي، ومن أولئك الشعراء الذين رثوا أنفسهم وذكرتهم كتب الأدب (أفيون التغلبي)؛ وهو شاعر جاهلي لقب ب(أفيون)، واسمه (صريم بن معسر التغلبي) لدغته حيَّة في ساقه؛ فعندما أحس بسمها يسري في جسمه قال قصيدةً يرثي بها نفسه: وقال أبو عبدالرحمن: «وهناك يزيد بن خِراق، أو (ابن حذاق الشنِّي)؛ وهو شاعر جاهلي، يقال إنه أول من بكى على نفسه، وذكر الموت في شعره؛ ومطلع قصيدته: ثم يصف ما حدث له عندما لفظ أنفاسه: ثم أرسل حكمة في آخر قصيدته؛ وهي قوله: هذا مما قاله العلامة أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، في ثلاث مقالات، نشرها في زاويته بصحيفة «الجزيرة»، جاءت عناوينها على النحو التالي: «في رثاء النفس».. ف»في رثاء النفس»، ثم «في رثاء النفس.. وختام المسك»، ما جعل من هذه المقالات محط أنظار القراء، وعلى منصات حساباتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، التي جاء «تويتر»، في مقدمتها، عبر مغرّد، ومفضّل، ومعلّق، بعبارات تستحضر مع تناقلهم لروابط مقالات أبي عبدالرحمن الظاهري، ثقافته الموسوعية، وفضاءاته الفكرية، وأخرى تشدو بأحد أعلام عصره، وفلاسفة العصر، الذي ما يزال ينهمر غيثًا في مجالات معرفية متنوعة، فيما حلّق آخرون في أجواء مقالات الظاهري، بأجنحة الأدب، وما يمتلكه أبو عبد الرحمن من عمق بلاغي، وذائقة نقدية فذّة، وأسلوب إبداعي آسر ساحر، بينما سلك آخرون درب مناظرات ابن عقيل، ومطارحاته العلمية، ومن خلال مطارحاته الفكرية والنقدية في مجال الأدب واللغة والفن والفلسفة وعلوم الجمال، والفن، والتاريخ، وتحقيق المخطوطات، وعلم الأنساب، بينما نحا آخرون في تفاعلهم باتجاه فقيه العربية، وعلوم القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، والتفسير ومسائل العقيدة. أما متفاعلون مع رثائيات أبي عبدالرحمن، فقد ذهبوا يستلهمون مسيرة عقود، وسيرة علامة، معرجين على العديد من عناوين مؤلفاته، التي جاء من أكثرها تداولاً، عبر تفاعل المشهد، ما جمعه العلامة الظاهري في كتابه: «تباريح التباريح: سيرة ذاتية ومذكرات وهجيري ذات»، فيما حلّق أيضًا عبر تويتر، كتاب أبي عبد الرحمن، «شيء من التباريح: سيرة ذاتية.. وهموم ثقافية»، بينما جاء تفاعل جمع آخر عبر مشهدنا الثقافي، مشيدًا بصاحب الرثائية، وحضوره المحلي والعربي، وريادته في علوم ومجالات معرفية متنوعة، سائلين الله - سبحانه وتعالى - للظاهري بمزيد من العطاء، وبسطة العمر، والعلم.. بينما شارك أدباء وشعراء تجاوز بهم ركب الأيام عقد السبعين، أبا عبد الرحمن رثائه لنفسه، الذي اتخذوا منه رثاء لأنفسهم، ولسان حالهم يقول: من يرثي من؟!