قلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مساء أمس الأديب أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري قلادة الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، باعتباره الشخصية الثقافية المكرمة من المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» في دورته ال30. شخصية الجنادرية لهذا العام شهرته العلمية «أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري» نسبة إلى مذهب الامام الظاهري لابن حزم الظاهري، وتجاوزت مؤلفاته المائتي كتاب. حاور الظاهري المفكر السعودي الراحل عبد الله القصيمي، رافضا فكره واطروحاته من خلال كتابه الصغير «ليلة في غاردن سيتي»، وقال ذات يوم حينما اعرض عن اكمال دراسته لنيل الدكتوراه عبارته الذائعة «لن أسلم لحيتي لمشرف يتحكم في عقلي». ويقول رئيس نادي الرياض الادبي الأسبق الدكتور محمد الربيع، إن من مميزات الشيخ الظاهري تعدد الثقافة، «فإن تحدثنا عن التفسير فهو مفسر وعن الفقه فهو فقيه وكذلك في الأدب والنقد والبلاغة. وهذا يعيدنا إلى علمائنا العظام في عصر زهو النهضة الثقافية العربية. كما يمتاز الشيخ الظاهري بالانفتاح على الثقافات المختلفة، فهو لا يقتصر على الثقافة العربية ولو كان ذلك من طريق الترجمة، كما يمتاز بالوضوح والصرامة في التعامل مع نفسه ونقد الذات، فكان إذا رأى رأياً وعدل عنه بين ذلك ودلل عليه، فهو رجاع الى الحق وهذه من أعظم صفات العلماء». في حين لفت نائب رئيس تحرير مجلة الدرعية الدكتور عبداللطيف الحميد، إلى أن «شخصية الجنادرية» أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، «تبنى مشروعين علميين ساعدا في رفد مسيرته العلمية وهما: إنشاء دار ابن حزم للنشر والتوزيع، والثاني حصوله على امتياز اصدار مجلة الدرعية وهي مجلة علمية محكمة تعنى بتاريخ المملكة والجزيرة العربية وتراث العرب». ويوضح الدكتور محمد الهدلق، أنه على الرغم من أن التخصص الرئيس لأبي عبدالرحمن هو العلم الشرعي، «فإن حب الادب يجري في عروقه ولا يستطيع ابداً الفكاك منه، فهو قد رزق من رهافة الحس وتقدير الجمال ما يجعله مائلاً بطبعه الى الادب حتى وان حاول عقله في السنوات الأخيرة كبح جماح ذلك الميل»، مشيرا إلى أن ودراسات ابي عبدالرحمن الأدبية والنقدية كثيرة ومتنوعة، «ومن بين مؤلفاته التي تناولت هذا الجانب، الفنون الصغرى وبخاصة الجزء الاول منه الذي عنوانه «هكذا علمني وردزورث» القصيدة الحديثة واعباء التجاوز، الالتزام والشرط الجمالي، العقل الادبي، جدلية العقل الادبي، ياساهر البرق لأبي العلاء المعري (تحليل وتفسير)، انابيش تراثية: جولة مع بعض كتب التراث ومؤلفيها؛ الشعر في البلاد السعودية في الغابر والحاضر، بدر شاكر السياب: دراسة نقدية لنماذج او ظواهر فنية في شعره، مبادئ في نظرية الشعر والجمال، ومع أنا أبا عبدالرحمن بدأ حياته الأدبية تراثيا فإن أدباء الصحافة والمشتغلين بالأدب الحديث قد جذبوه إلى ساحتهم فانصرف خلال الفترة من 1386- 1398إلى الأدب الحديث وبخاصة الأدب الرومانسي منه». وأضاف الهدلق أن من نتاج أبي عبدالرحمن الظاهري أيضاً الرواية، إذ كتب رواية واحدة بعنوان «حي ميري» التي تقع في 126صفحة صدرت طبعته الأولى منها عام 1416، وقد فهرستها مكتبة الملك فهد تحت موضوع «القصة القصيرة»، وقد ذكر على غلافها الأخير أنها رواية تمثل «إضاءة فنية فحسب لبعض البدايات لوعينا بما يُصنع في الكواليس»، كما ورد في صلب الرواية نفسها نص على أنها رواية (77). كما كتب أبو عدالرحمن مجموعة قصص قصيرة أصدرها تحت عنوان «من هموم القرية»، وتحت العنوان مباشرة يوجد عنوان فرعي يصف هذه المجموعة بأنها «أربع قصص من البيئة النجدية»، وقد صدرت المجموعة في عام 1415وهي تقع في 43 صفحة. وذكر أبو عبدالرحمن في التوطئة التي قدم بها لهذه القصص، بحسب الهدلق، أنه كتبها وفق فنيات القصة القصيرة ما استطاع الى ذلك سبيلا ووصفها بأنها «من القصص الواقعي وفق مذهب الواقعية الأدبي». وعن بدايات الظاهري في الشعر ،تحدث الدكتور الهدلق بقوله: بدأ أبو عدالرحمن قول الشعر في فترة متقدمة من حياته، منذ أن كان طالبا في تمهيدي المعهد العلمي بشقراء، فقد ذكر أن الشيخ عبداللطيف بن ابراهيم آل الشيخ، نائب الرئيس العام للكليات والمعاهد العلمية رحمه الله، قد زار معهد شقراء، وأقيم له حفل استقبال ألقى فيه أبو عبدالرحمن قصيدة نونية رحب فيها بالشيخ الزائر، وقد لاقت القصيدة قبولا وتقديرا. وعندما زار ابو عبدالرحمن دولة قطر بحثا عن الكتب، وهو لما يزل طالبا في المعهد العلمي بشقراء، وقابل حاكمها السابق الشيخ علي آل ثاني قلب تلك القصيدة وجعلها في مديح حاكم قطر السابق، وقد لاقت استحسانا منه السابق وكانت سببا في إنجاح سفرة ابي عبدالرحمن الى قطر بعد أن كادت تخفق». وخصص المهرجان الوطني للتراث والثقافة ندوة تتناول تجربة الكتابة والتأليف لدى الشخصية الثقافية المكرمة، يشارك فيها عدد من الباحثين، يضيئون جوانب ومحطات في مشواره الأدبي والعلمي.