قبل أيام من المناظرة الأولى للمرشّحين الجمهوريين إلى البيت الأبيض مساء الأربعاء، تتّجه كلّ الأنظار إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، لمعرفة ما إذا كان سيشارك في هذه المعركة، بعدما هدّد بالتغيّب عنها بدعوى أنّ استطلاعات الرأي تؤكّد تصدّره السباق بفارق كبير عن بقية منافسيه. ومع تبقّي خمسة أشهر لانطلاق انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية للاستحقاق الرئاسي المقرّر في نهاية العام المقبل، تبدو شعبية ترمب أقوى من أيّ وقت مضى، لكنّ القضايا الجنائية العديدة التي تلاحقه ألقت بظلالها على محاولته العودة إلى البيت الأبيض. والرئيس السابق البالغ من العمر 77 عاماً، والذي نادراً ما لا يتصدّر عناوين الأخبار، قال صراحة إنّه يفكّر بالتغيّب عن المناظرة المقرّرة في مدينة ميلووكي (الغرب الأوسط)، مبرّراً توجّهه هذا بعدم رغبته في تقاسم الأضواء مع مرشّحين لا يتمتّعون بشعبية حقيقية. والخميس، كتب ترمب على مواقع التواصل الاجتماعي "أنا أتقدّم على المتسابق الثاني، أيّاً يكن هذا الشخص اليوم، بأكثر من 50 نقطة. (الرئيس الجمهوري الراحل رونالد) ريغان لم يفعل ذلك، ولا الآخرون فعلوا ذلك. الناس يعرفون سجلّي، وهو واحد من الأفضل على الإطلاق، فلماذا سأناظر؟". والجمعة، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنّ ترمب أبلغ مساعديه أنّه يخطّط للتغلّب على منافسيه عبر التغيّب عن المناظرة التي تنظّمها "فوكس نيوز"، والحلول بدلاً من ذلك ضيفاً وحيداً في مقابلة عبر الإنترنت يجريها معه تاكر كارلسون، المذيع السابق في الشبكة التلفزيونية المحافظة. لكنّ متحدّثاً باسم حملة ترمب قال، "لم نؤكّد أيّ شيء من جانبنا". وسواء شارك ترمب في المناظرة أم قاطعها، فهو سيكون حتماً حاضراً فيها، ذلك أنّ منافسيه يعتزمون مهاجمة متصدّر السباق من خلال التصويب على المحاكمات القضائية السبع الملاحق فيها حالياً، وهي أربع جنائية وثلاث مدنية، والتّهم الموجّهة إليه في هذه المحاكمات والتي تعود وقائعها إلى ما قبل تولّيه الرئاسة وأثناء وجوده في السلطة وبعد انتهاء عهده الذي حفل بالفضائح. وقال لصحيفة "ميلووكي جورنال سينتينيل" المذيع في "فوكس نيوز" بريت باير الذي سيدير المناظرة "من الواضح أنّ مشاكله القانونية تؤثّر على هذا السباق". وأضاف أنّ "جميع هؤلاء المرشحين سُئلوا من دون توقف، عمّا يحدث في قاعات المحاكم حول البلاد. لذلك سيكون جزءاً من هذا النقاش سواء حضر أم لا". برمجة مضادّة وتأهّل إلى المناظرة سبعة مرشّحين آخرين، هم حاكما ولايتي فلوريدا رون ديسانتيس وداكوتا الشمالية داغ بورغوم، ونائب الرئيس السابق مايك بنس، والسفيرة السابقة لدى الأمم المتّحدة نيكي هايلي، والسناتور عن ولاية كارولاينا الجنوبية تيم سكوت، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي والحاكم السابق لولاية نيوجيرزي كريس كريستي. وتضع استطلاعات الرأي حالياً ديسانتيس في المركز الثاني. وبحسب استطلاعات الرأي فإنّ راماسومي وكريستي، يهدّدان مركز الوصيف الذي يحتلّه ديسانتيس في ولايتي آيوا ونيوهامبشر، وسيبحثان تالياً خلال المناظرة عن فرص لمهاجمته. وأمهلت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ترمب حتى الإثنين، لاتّخاذ قرار نهائي بشأن ما إذا كان يريد المشاركة في المناظرة أم لا. وعلى الرّغم من أنّ ترمب يتصدّر السباق بفارق شاسع عن أقرب منافسيه، فإنّ عدداً من حلفائه يخشون أن يؤدّي تغيّبه عن المناظرة إلى منح منافسيه فرصة لخطف الأضواء وتحقيق مكاسب على حسابه. وبعيد تبلّغه بلائحة الاتّهام الثالثة التي وُجّهت إليه، اجتمع ترمب مع مديرين تنفيذيين في "فوكس نيوز" حول مائدة عشاء في نادي الغولف الذي يملكه بولاية نيوجيرزي. وبحسب تقارير إعلامية فقد حذّره المسؤولون في الشبكة التلفزيونية من أنّ ديسانتيس سيسرق الأضواء خلال المناظرة إن هو تغيّب عنها. وفي هذا السياق لفت مراقبون إلى أنّ ترمب خسر في 2016 ولاية آيوا أمام السناتور عن ولاية تكساس تيد كروز بعد أن تغيّب عن مناظرة. وفي مسعى منه لتفويت الفرصة على منافسيه، دعا ترمب إلى مؤتمر صحافي يوم الإثنين المقبل لعرض تقرير من 100 صفحة قال إنّه يضمّ أدلّة تؤكّد ما دأب على قوله من أنّ انتخابات 2020 التي خسرها أمام الرئيس الديموقراطي جو بايدن شابتها عمليات تزوير. لكنّ ترمب ما لبث أن ألغى هذا المؤتمر بناءً على نصيحة محاميه. وبحسب تقارير إعلامي،ة فإنّ ترمب يفكّر باعتماد سياسة "البرمجة المضادّة" لسرقة الأضواء الإعلامية من منافسيه، فبالإضافة إلى المقابلة المرجّحة مع كارلسون، قد يختار الملياردير يوم الأربعاء أو الخميس لتسليم نفسه للسلطات القضائية في سجن المقاطعة في مدينة أتلانتا. والأسبوع الماضي وجّه القضاء في أتلانتا، عاصمة ولاية جورجيا، لائحة اتّهام إلى ترمب في قضية تآمر لتزوير انتخابات 2020 وأمره بتسليم نفسه بحلول ظُهر يوم الجمعة. استراتيجية ديسانتيس وبعيداً عن متاعب ترمب القضائية، قدّم "نيفر باك داون"، وهو سوبر باك (لجنة عمل سياسي) أو لوبي مؤيّد لديسانتيس، لمحة عن الاستراتيجية التي قد يعتمدها حاكم فلوريدا خلال المناظرة من أجل استعادة شعبيته التي تتضاءل يوماً بعد يوم في استطلاعات الرأي. وفي مذكّرة من صفحتين نُشرت على الإنترنت، دعا هذا اللوبي ديسانتيس إلى تركيز هجومه على الرئيس بايدن، والدفاع عن ترمب من الهجمات المتوقعة من جانب كريستي، ووصف الوافد الجديد إلى الحلبة السياسية راماسوامي بأنّه "مزيّف". وقال ديسانتيس ل"راديو فوكس نيوز" الأربعاء "إذا نظرتم إلى كيفية تطوّر الوضع، فمن الواضح أنّني الشخص الوحيد الذي تهاجمه حملة ترمب الانتخابية، بشكل أساسي". وأضاف "ومن ثم فإنّ المرشّحين الآخرين، الكثير منهم لا يتحدّثون كثيراً عن دونالد ترمب، ويركّزون أكثر عليّ. لذلك سنكون مستعدّين لكلّ ذلك". وأبلغ الحزب الجمهوري المرشّحين بأنّه يتعيّن عليهم من أجل المشاركة في المناظرة التعهّد ب"احترام إرادة الناخبين في الانتخابات التمهيدية" ودعم المرشّح النهائي، على الرّغم من أنّه ليس واضحاً حتى الآن كيف يمكن تنفيذ مثل هكذا تعهّد. وقال ترمب إنّه لن يوقّع على أيّ تعهّد، بينما قال كريستي إنّه سيوقّع على التعهّد لكنّه سيتعامل معه "بنفس الجدية التي تعامل بها دونالد ترمب في عام 2016". وإذا كانت الشكوك لا تزال تحيط بقرار ترمب المشاركة في هذه المناظرة الأولى من عدمها، فإنّ مسألة مشاركته في المناظرة الثانية المقرّرة في كاليفورنيا في 27 سبتمبر باتت محسومة بعد أن قال صراحة، إنّه سيتغيّب عنها لأنه لا يستسيغ الجهة المولجة تنظيمها، وهي مؤسسة ومعهد رونالد ريغان الرئاسي.