مع إعلان ثلاثة جمهوريين هذا الأسبوع ترشحهم للانتخابات الرئاسية الأميركية، يبدو السباق إلى اقتراع العام 2024 شبيها لسباق 2016 الانتخابي الحافل بالمرشحين والذي عاد بالنفع على دونالد ترمب. هذه المرة، الملياردير البالغ من العمر 76 عامًا هو المرشح الجمهوري الأوفر حظًا، لكن المنطق يبقى نفسه: كلّما كبر عدد المرشحين زاد احتمال تشتت الأصوات المناهضة لنجم تلفزيون الواقع السابق وهو ما يصب بالتالي في مصلحته. من المتوقع أن يعلن حاكم ولاية نيو جيرسي كريس كريستي الذي هزمه ترمب في العام 2016، ترشحه لرئاسة البيت الأبيض الثلاثاء، قبل يوم من إعلان ترشح نائب الرئيس السابق مايك بنس وحاكم ولاية نورث داكوتا دوغ بورغوم. يشكّل كريستي، الذي سيعلن ترشحه في ولاية نيو هامشير، تحديًا جديدًا لترمب بصفته المنافس الوحيد المستعد حتى الآن لتوجيه ضربات مدمرة إلى ترمب خلال الترويج لبرنامجه الانتخابي. وبدأ كريستي البالغ من العمر 60 عامًا بالفعل في انتقاد صديقه السابق، فقال الشهر الماضي إن ترمب "خائف" من مناقشة خصومه الجادّين. وقال ترمب إنه قد يفوت واحدة من المناظرتين الأوليين على الأقلّ، معربًا عن إحجامه عن مشاركة الأضواء مع المنافسين ذوي الشعبية الأقلّ أهمية. وقال كريستي لمقدم البرامج الإذاعية هيو هيويت "إذا كان (ترمب) فعلًا يهتم بالبلد -ولدي تساؤلات عميقة حول ذلك- فسيشارك (في المناظرات) ولا يجب أن يكون خائفًا". في انتخابات العام 2016، حلّ كريستي سادسًا في نيو هامشير وأيّد ترمب في نهاية المطاف، وعمل كمستشار رئيسي له قبل أن يخوض الرجلان خلافًا علنيًا كبيرًا. "تغطية هائلة من الإعلام التقليدي" مذاك، هاجم كريستي الملياردير الجمهوري في جميع أنواع القضايا، وسلّط الضوء على تزايد التحقيقات الجنائية التي تستهدف ترمب وواجه اتهاماته بشأن تزوير نتائج انتخابات العام 2020 ووصفه بأنه "دمية بوتين" بسبب موقفه الانعزالي حول الغزو الروسي لأوكراني. من جهته، كشف ترمب أنه يستمتع بالفوضى التي يحدثها اكتظاظ الساحة بالمرشحين، حين استقبل منافسه الجدي الأول وهي الحاكمة السابقة لولاية ساوث كارولاينا نيكي هالي إلى السباق الانتخابي في فبراير، قائلًا لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأميركية "كلّما ازداد عددنا ازداد المرح". لكن الرئيس السابق لقسم تحليل نتائج الانتخابات الأميركية لدى شبكة "فوكس نيوز" جون إيليس قال لوكالة فرانس برس إن ترشّح كريستي قد يضعّف موقف ترمب. وأضاف إيليس "ستحصل حملة كريستي على تغطية هائلة من الإعلام التقليدي لأنه سيهاجم ترمب بلا كلل، ما قد يساعده في الحصول على عدد جيد من الأصوات في نيو هامشير". وتابع "أعطت التغطية الإعلامية الإيجابية دفعًا لحملة جون ماكين الانتخابية في نيو هامشير في العام 2000. كريستي يراهن على الأمر ذاته. بعض النظر عن ذلك، لا يساعد أبدًا أن يكون للمرشح الأوفر حظًا شخص يرجمه كل يوم". بحلول الأربعاء، سيكون هناك عشرة مرشحين رئيسين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري وأربعة مرشحين آخرين أيضًا، لكن ترمب متقدم بأكثر من 30 نقطة على أقرب منافسيه أي حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس. ومن المتوقع أن يعلن مايك بنس ترشحه للانتخابات الأربعاء في لقاء تنظمه شبكة "سي إن إن" في ولاية أيوا. "الرجل الصامد الأخير" سيعّقد إعلان ترشحه، بالتزامن مع إعلان ترشح كريستي، السباق الانتخابي بشكل أقل بالنسبة لترمب مقارنة مع ديسانتيس الذي يسعى لكسب الناخبين في الولايات التي تنتخب أولًا في البلد، أي أيوا ونيو هامشير، حيث يسعى للبقاء قادرًا على المنافسة. الخميس، تقوضت جهود ديسانتيس للتركيز على "الجذب" بدل "الهجوم" بسبب موجة غضب وجهها إلى مراسل في بلدة لاكونيا في نيو هامشير. يراهن حاكم فلوريدا المحافظ المتشدد على خروج ترمب من السباق الانتخابي بسبب تزايد التهديدات القانونية التي يواجهها، وفق نظرية "الرجل الصامد الأخير". تقوم الاستراتيجية بشكل أساسي، وفق النظرية، على إبقاء أنصار ترمب راضين عن ديسانتيس من خلال تجنّبه الصراعات وتموضعه بأحسن طريقة ممكنة لاجتذابهم إلى صفه عندما يُضطر ترمب إلى الانسحاب بسبب الملاحقات القضائية. لكن ديسانتيس البالغ من العمر 44 عامًا قد بدأ أيضًا في توجيه انتقادات صريحة لمنافسه، مشككًا في التزام ترمب بالمحافظة وفي فعاليته في البيت الأبيض وفي احتمالات فوزه على الرئيس الحالي جو بايدن. تنتاب الليبراليين مشاعر تسلية ورعب في آن معًا، وأصبحوا منقسمين بين مؤيدين لترمب على اعتبار أنه الأوفر حظًا في الانتخابات العامة، ومعارضين له يفضلون رؤية أي شخص آخر يستلم البيت الأبيض حتى لو عنى ذلك خسارة مرشّحي صفوفهم. وقالت الخبيرة في استراتيجية الانتخابات الديموقراطية أماني ويلز-اونيوها لوكالة فرانس برس "يمكن للمعارضين في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين بذل قصارى جهدهم، لكن إذا لم تنجح اتهامات بالاغتصاب وُجّهت (إلى ترمب) والهجوم (على مبنى الكابيتول) في تقليص قاعدته، لن ينجح هؤلاء المرشحون في فعل ذلك".